من أسماء الله الحسنى: المبين
بانَ الشيءُ بيانا ً: اتَّضح فهو بيّنٌ. وأبان الشيء فهو مُبين. والتبيين: الإيضاح والوضوح، والبيان: الفصاحة واللَسن. والمباينة: المفارقة. والبين: الوصل أيضاً وهو من الأضداد.
وقال الزجاجي:” المُبينُ” اسم الفاعل مِنْ أبان فهو مُبين، إذا أظْهر وبيَّن؛ إما قولاً وإما فعلاً.
ورد مرةً واحدةً في قوله تبارك وتعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (النور: 25).
قال ابن جرير: وقوله: (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ): يقول: ويعلمون يومئذ أنّ الله هو الحق، الذي يُبين لهم حقائق ما كان يَعدهم في الدنيا من العذاب، ويزول حينئذ الشك فيه عن أهل النفاق، الذين كانوا فيما يعدهم في الدنيا يمترون.
وقال الزجاجي بعد أنْ بيّن المعنى اللغوي للاسم:.. فالله تبارك وتعالى المُبين لعباده سبيلَ الرشاد، والموضّح لهم؛ الأعمال المُوجبة لثوابه؛ والأعمال الموجبة لعقابه، والمُبين لهم؛ ما يأتونه ويَذرونه.
وقال الخطابي:”المُبين” هو البيّن أمرُهُ في الوحدانية، وأنه لا شريك له.
وقال الحليمي:”المبين” وهو الذي لا يخفى ولا يَنكَتِم، والباري جل ثناؤه ليس بخافٍ ولا مُنْكتم، لأنه له من الأفعال الدالّة عليه؛ ما يستحيل معها أنْ يخفى؛ فلا يُوقف عليه ولا يُدرى.
وقال الأصبهاني: وقيل معناه: أبانَ للخَلق ما احْتاجوا إليه.
1- الله تبارك وتعالى البيِّنُ أمره في الأُلوهية والربوبية، فلا يَخْفى على خَلْقه؛ بما نَصَبَ لهم من الدلائل والبيّنات؛ الدّالة عليه سبحانه وتعالى، بل دلائل وحدانيته وملكه وربوبيته، أوْضح من الشمس في رابعة النهار؛ كما قال القائل:
وكيف يَصحُّ في الأذْهان شَيءٌ إذا احتاجَ النَّهارُ إلى دَليل .
2- أنه تعالى” المُبين” الذي أوْضَح لخلقه سُبُل النَّجاة من عقابه، والفوز بجنته ومرضاته، بما فَطَر عليه الناس من التّوحيد؛ كما قال: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم: 30).
وبما أرسل إليهم من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين، وأنْزل إليهم الكتب، كما قال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحديد: 25).
وأيدهم بالبراهين والمعجزات، الدالّة على صدقهم؛ وصدق دعوتهم.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن الآيات التي في الأرض، ما يُحْدث اللهُ فيها كلَّ وقت؛ ما يُصدّق به رسله فيما أخبرتْ به، فلا تزال آيات الرسل؛ وأعلام صدقهم، وأدلة نبوتهم، يُحدثها الله سبحانه وتعالى في الأرض، إقامةً للحجة على من لم يشاهد تلك الآيات التي قاربت عصر الرسل، حتى كأن أهل كلِّ قرنٍ؛ يشاهدون ما شاهده الأولون؛ أو نظيره، كما قال: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت: 53).
وهذه الإرادة لا تختص بقرن دون قرن، بل لا بد أنْ يري الله سبحانه أهل كلِّ قرنٍ من الآيات، ما يُبيِّنُ لهم أنه الله الذي لا إله إلا هو، وأن رسله صادقون، وآيات الأرض أعظم مما ذكر وأكثر، فنبَّه باليسير منها على الكثير.
3- وقد سمَّى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بــــ”المبين”؛ كما في قوله: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) (الأعراف: 184).
وقوله: (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) (الحجر: 89). وغيرها من الآيات.
4- وسمّى الله تعالى كتابه بـ”المبين” في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (المائدة: 15- 16).
وقوله: (الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ)(الحجر: 1).
وقوله: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) (الشعراء: 192 – 195).
ووصفه تعالى بأنه آيات بينات: كما في قوله: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (العنكبوت: 49).
وقوله: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (الحديد: 9).
ففي القرآنِ البيانُ البيِّنُ الواضح، لكلّ ما يحتاجه بنو الإنْسان في حياتهم، بأرْوع عبارةٍ؛ وأجملِ أسْلوب؛ وأخْصر كلام.
وفي القرآن بيان كلّ شيء؛ من البداية إلى النهاية، حتى يستقر أهلُ الجنة في نعيمهم؛ وأهلُ النار في جحيمهم. فمعرفة الله ومعرفة أسمائه وصفاته، وما يجبُ له تعالى؛ وما لا يجوز وَصْفه به، والعقيدة الإسلامية، وأحْكام العبادات والمعاملات، وجميع الشُّئون الاجتماعية، والأحْوال الشخصية، وكل ما تحتاجه المجموعة البشرية، في كل زمانٍ ومكان، وأحكام المعاد والبعث والنشور، والحساب والجزاء والعقاب؛ وغير ذلك مما هو مُبين ومُوضح، وصدق الله تعالى إذْ يقول: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (الأنعام: 38).
وقوله: (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) (الإسراء: 12).
من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي.
اقرأ المزيد في هذه السلسلة:
- أسماء الله الحسنى وشرح معانيها
- من أسماء الله الحسنى: الله الاسم الأعظم للرب تبارك وتعالى
- من أسماء الله الحسنى: الرحمن – الرحيم
- من أسماء الله الحسنى: الملك – المالك – المليك
- من أسماء الله الحسنى: القدوس
- من أسماء الله الحسنى: السلام
- من أسماء الله الحسنى: المؤمن
- من أسماء الله الحسنى: المهيمن
- من أسماء الله الحسنى: العزيز
- من أسماء الله الحسنى: الجبار
- من أسماء الله الحسنى: المتكبر – الكبير
- من أسماء الله الحسنى: الخالق – الخلاق
- من أسماء الله الحسنى: البارئ
- من أسماء الله الحسنى: المصور
- من أسماء الله الحسنى: الغافر – الغفور – الغفار
- من أسماء الله الحسنى: القاهر – القهار
- من أسماء الله الحسنى: الوهاب
- من أسماء الله الحسنى: الرزاق – الرازق
- من أسماء الله الحسنى: الفتاح
- من أسماء الله الحسنى: العليم – العالم – العلام
- من أسماء الله الحسنى: السميع
- من أسماء الله الحسنى: البصير
- من أسماء الله الحسنى: اللطيف
- من أسماء الله الحسنى: الخبير
- من أسماء الله الحسنى: الحليم
- من أسماء الله الحسنى: العظيم
- من أسماء الله الحسنى: الشكور – الشاكر
- من أسماء الله الحسنى: العلي – الأعلى – المتعال
- من أسماء الله الحسنى: الحفيظ – الحافظ
- من أسماء الله الحسنى: المقيت
- من أسماء الله الحسنى: الحاسب – الحسيب
- من أسماء الله الحسنى: الكريم – الأكرم
- من أسماء الله الحسنى: الرقيب
- من أسماء الله الحسنى: المجيب
- من أسماء الله الحسنى: الواسع
- من أسماء الله الحسنى: الودود
- من أسماء الله الحسنى: المجيد
- من أسماء الله الحسنى: الشهيد
- من أسماء الله الحسنى: الحق
- من أسماء الله الحسنى: الوكيل – الكفيل
- من أسماء الله الحسنى: القوي – المتين
- من أسماء الله الحسنى: الولي – المولى
- من أسماء الله الحسنى: الحميد
- من أسماء الله الحسنى: الحي
- من أسماء الله الحسنى: القيوم
- من أسماء الله الحسنى: الواحد – الأحد
- من أسماء الله الحسنى: الصمد
- من أسماء الله الحسنى: القادر – القدير – المقتدر
- من أسماء الله الحسنى: الأول
- من أسماء الله الحسنى: الآخر
- من أسماء الله الحسنى: الظاهر
- من أسماء الله الحسنى: البر
- من أسماء الله الحسنى: التواب
- من أسماء الله الحسنى: العفو
- من أسماء الله الحسنى: الرؤوف
- من أسماء الله الحسنى: الغني
- من أسماء الله الحسنى: الباطن
- من أسماء الله الحسنى: النور
- من أسماء الله الحسنى: الهادي
- من أسماء الله الحسنى: البديع
- من أسماء الله الحسنى: الوارث
- من أسماء الله الحسنى: ذو الفضل
- من أسماء الله الحسنى: ذو الطول
- من أسماء الله الحسنى: ذو المعارج
- من أسماء الله الحسنى: المحيط
- من أسماء الله الحسنى: الغالب
- من أسماء الله الحسنى: الكافي
- من أسماء الله الحسنى: المستعان
- من أسماء الله الحسنى: الفاطر
- من أسماء الله الحسنى: الناصر – النصير
- من أسماء الله الحسنى: القريب
- من أسماء الله الحسنى: المبين
- من أسماء الله الحسنى: الرب
- من أسماء الله الحسنى: ذو الجلال والإكرام
- من أسماء الله الحسنى: الحكم – الحاكم – الحكيم
- من أسماء الله الحسنى: الشافي
- من أسماء الله الحسنى: الرفيق
- من أسماء الله الحسنى: السبوح
- من أسماء الله الحسنى: الجميل