معنى “الفاطر” في اللغة:

فَطَر الشيءَ يَفْطُرُهُ وفطَّره: شقَّه، وتَفَطَّر الشيء تشقَّق، والفَطْر: الشقُّ، وجمعهُ فُطور، وفي التنزيل: (هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ) (الملك: 3).
وفَطر الله الخَلْق يَفْطُرهم: خَلَقهم وبدأهم، والفَطْر والفِطرة: الابْتداء والاخْتراع، وفي التنزيل العزيز: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (فاطر: 1).

اسم الله “الفاطر” في القرآن الكريم:

ورد الاسم في القرآن ست مرات، هي:
قول الله تعالى: (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ) (يوسف:101).
وقوله: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) (إبراهيم: 10).
وقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فاطر:1).
وقوله: (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) (الزمر: 46).
وقوله: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الشورى: 11).

معنى “الفاطر” في حق الله تبارك وتعالى:

قال قتادة: (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ): خالق السموات والأرض.
وكذا قال أبو عبيدة.
وقال ابن جرير: ويعني بقوله: (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ): مُبتدعها ومُبتدئها وخالقها.
وقال الخطابي:”الفاطر”: هو فَطَر الخَلْق، أي: ابتدأ خَلْقهم؛ كقوله تعالى: (قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (الإسراء: 51). ومن هذا قولهم: فَطَر نابُ البعير، وهو أولُ ما يطْلُعُ.
وقال الحليمي: (الفاطر) ومعناه: فاتقُ المرتتق من السماء والأرض، قال الله عز وجل: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) (الأنبياء: 30) فقد يكون المعنى: كانت السماء دخاناً فسوَّاها، وأغْطشَ ليلها وأخْرج ضُحاها، وكانت الأرض غير مَدْحُوَّةٍ فدَحاها، وأخرجَ منها ماءَها ومَرْعاها، ومَن قال هذا قال: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ومعناه: ألم يعْلموا.
وقد يكون المعنى ما روي في بعض الآثار: فتقْنا السَّماء بالمطر، والأرض بالنّبات.

من آثار الإيمان باسم الله “الفاطر”:

1- أنّ المُبتدئ لخَلْق السموات والأرض، هو الله الذي لا إله إلا هو؛ وحْده لا شريك له، ولا خالقَ سواه، وأنه تعالى الذي فَتقَ السماء بالمطر، والأرض والنبات. وأنه تعالى هو المبتدئ أيضاً لخلق جميع المخلوقات، وقد كانت عَدَماً، قال سبحانه: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (مريم: 67).
وإذا كان هو المبتدئ للخلق؛ فكيف يُعبد غيره ويُعظَّم سواه؟!
وقد نبَّه الله تعالى عباده إلى ذلك في مواضع من كتابه منها: قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (الأعراف: 54 – 55).

2- وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعظِّمُ ربَّه بهذا الاسم ويدعوه، كما قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيءٍ كان نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يَفْتتح صلاته إذا قام مِنَ الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل؛ افتتح صلاته:”اللهمَّ ربَّ جِبْرائيل ومِيكائيلَ وإسْرافيل، فاطرَ السَّموات والأرضِ، عالمَ الغَيبِ والشَّهادةِ؛ أنتَ تحكُمُ بين عبادكَ فيما كانوا فيه يختلفون، اهْدِني لما اختُلفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذنكَ، إنكَ تهدِي من تشاءُ إلى صراطٍ مُّستقِيم”.

وكذا في دعاء التَّوجُّه الطويل: فعن علي بن أبي طالب: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان إذا قام إلى الصلاة؛ قال:” وجَّهتُ وَجْهي للذي فَطرَ السَّموات والأرضَ حنيفاً؛ وما أنا من المُشركين، إنَّ صلاتي ونُسُكي؛ ومَحْيايَ ومماتي؛ لله ربِّ العالمين، لا شريكَ له، وبذلك أمرتُ وأنا من المُسلمين، اللهمَّ أنت الملك…”. فقوله:”وجَّهت وجهي” أي: قصدت بعبادتي الذي فَطَر السموات والأرض.

من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي