معنى “الكافي” في اللغة:

كفى يكفي كفايةً: إذا قام بالأمر. ويقال: اسْتكفَيْتُه أمراً فكفانيه. ويقال: كفاكَ هذا الأمر؛ أي: حَسْبك، وهذا رجلٌ كافيك من رجل؛ أي: حَسْبك. وكافَيتُه من المكافاة، ورجوت مكافاتكَ؛ أي: كفايتك.

وقال الزجاجي: (الكافي) اسم الفاعل؛ مِنْ كفَى يكفي؛ فهو كاف.

اسم الله “الكافي” في القرآن الكريم:

ورد مرةً واحدة في قوله عزَّ وجل: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر: 36).

ورد بصيغة الفعل: في قوله تعالى: (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً) (الأحزاب: 25).

وفي قوله: (فسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة: 137). وفي قوله: ( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (الحجر: 95).

معنى “الكافي” في حق الله تبارك وتعالى:

قال ابن جرير في قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) (الزمر: 36) اختلفت القراء في قراءة أليس الله بكافٍ عبده، فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة؛ وعامّة قراء الكوفة (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) على الجمع، بمعنى: أليس الله بكاف محمداً وأنبياءه من قبله، ما خوّفتهم أممهم من أن تنالهم آلهتهم بسوء. وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة؛ وبعض قراء الكوفة (بِكَافٍ عَبْدَهُ) على التوحيد، بمعنى: أليس الله بكاف عبده محمداً. والصواب من القول في ذلك: أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار؛ فبأيتهما قرأ القارئ؛ فمصيب؛ لصحّة معنييهما؛ واستفاضة القراءة بهما في قراءة الأمصار.

وقال الزجاجي:… فالله عزَّ وجل كافي عباده، لأنه رازقهم وحافظهم؛ ومُصلح شئونهم، فقد كفاهم، كما قال الله عز وجل: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) (الزمر: 36). وكفاية الإنسان من المعاش قدر بُلغته؛ وقوام أمره، وتقول: كفيت الرجل الأمر؛ أكفيه كفياً وكفاية، إذا قمتَ به دونه، وأزلتَ عنه الاهتمام به.

وقال الخطابي: وأما (الكافي): فهو الذي يكفي عباده المُهمَّ، ويَدْفع عنهم المُلمَّ، وهو الذي يُكتفى بمعُونته عن غيره، ويُستغنى به عمن سواه.

وقال الحُليمي: ومنها (الكافي) لأنه إذا لم يكنْ له في الألوهية شريكٌ، صحَّ أنَّ الكفايات كلَّها واقعةٌ به وحده، فلا ينبغي أنْ تكونَ العبادة إلا له، ولا الرغبة إلا إليه، ولا الرجاء إلا منه. وقد ورد الكتاب بهذا أيضاً، قال الله عز وجل: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) (الزمر: 36). وجاء ذلك أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال السعدي: (الكافي) عباده جميع ما يحتاجون؛ ويَضطرون إليه، الكافي كفاية خاصة من آمن به؛ وتوكّل عليه، واستمدّ منه حوائج دينه ودنياه.

من آثار الإيمان باسم الله “الكافي”:

إنَّ (الكافي) عباده رزقاً ومعاشاً وقوتاً، وحفظاً وكلاءةً، ونصراً وعزاً؛ هو الله تبارك وتعالى شأنه، فهو الذي يُكتفى بمعونته عمّن سواه. وإذا كان ذلك كذلك، وجبَ ألا يكونَ الرجاءُ إلا منه، والرغبةُ إلا إليه.

من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي