من رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر فإنه حينئذ يباح له أن يلبس ما يشاء ، ولم يعد واجبا عليه أن يتقيد بملابس الإحرام، فيباح له حينئذ أن يلبس الملابس العادية أثناء طواف الإفاضة كما يباح له أن يتطيب أيضا.

التحلل من الإحرام قسمان :

التحلل الأصغر للحاج :

 أ – التحلل الأصغر , ويسمى أيضا : التحلل الأول : ويكون عند الشافعية والحنابلة بفعل أمرين من ثلاثة : رمي جمرة العقبة , والنحر , والحلق أو التقصير . ويباح بهذا التحلل لبس الثياب وكل شيء ما عدا النساء ( بالإجماع ) والطيب عند البعض , والصيد عند المالكية . أما الحنفية فيحصل التحلل الأصغر عندهم برمي الجمرة والحلق والتقصير , فإذا فعل ذلك حل له كل شيء إلا النساء . وما ورد في بعض كتب الحنفية من استثناء الطيب والصيد أيضا ضعيف . هذا.

ويجب الذبح بين الرمي والحلق للمتمتع والقارن لمن قدر على ذلك , لأن الترتيب واجب بين هذه النسك عند الحنفية . والأصل في هذا الخلاف ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : { كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم , ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك } . وقد جاء في بعض الأحاديث أنه إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء والطيب , لما أخرجه مالك في الموطأ عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس بعرفة , وعلمهم أمر الحج , وقال لهم فيما قال : إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب .

وأما ما ذهب إليه مالك من تحريم الصيد أيضا : فإنه أخذ بعموم قوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } ووجه الاستدلال بالآية أن الحاج يعتبر محرما ما لم يطف طواف الإفاضة . وأما دليل إباحة لبس الثياب وكل شيء بعد رمي جمرة العقبة , فهو حديث : { إذا رميتم الجمرة فقد حل كل شيء إلا النساء } , وحديث عائشة السابق .

التحلل الأكبر للحاج :

ب – التحلل الأكبر – ويسمى أيضا التحلل الثاني :

هذا التحلل هو الذي يباح به جميع محظورات الإحرام دون استثناء , ويبدأ الوقت الذي تصح أفعال التحلل الأكبر فيه عند الحنفية والمالكية من طلوع فجر يوم النحر , ويحصل عندهما بطواف الإفاضة – بشرط الحلق أو التقصير – هنا باتفاقهما , فلو أفاض ولم يحلق لم يتحلل حتى يحلق عند الحنفية والمالكية .

وزاد المالكية أن يكون الطواف مسبوقا بالسعي , وإلا لا يحل به حتى يسعى , لأن السعي ركن عند المالكية , وقال الحنفية : لا مدخل للسعي في التحلل , لأنه واجب مستقل , ونهاية وقت التحلل الأكبر بحسب ما يتحلل به عندهما , وهو الطواف , وهو لا يفوت .

وعند الشافعية والحنابلة يبدأ وقت التحلل الأكبر من منتصف ليلة النحر, ويحصل التحلل الأكبر عندهما باستكمال أفعال التحلل التي ذكرت , وهي : ثلاثة على القول بأن الحلق نسك , واثنان على القول الآخر غير المشهور أنه ليس بنسك , ونهاية التحلل الأكبر عند الشافعية والحنابلة بحسب ما يتحلل به عندهما إن توقف التحلل الأكبر على الطواف أو الحلق أو السعي , أما الرمي فإنه مؤقت بغروب شمس آخر أيام التشريق , فإذا توقف عليه التحلل ولم يرم حتى آخر أيام التشريق فات وقت الرمي بالكلية , فيحل عند الحنابلة بمجرد فوات الوقت , وإن بقي عليه الفداء مقابل ذلك , وهذا قول عند الشافعية , لكن الأصح عندهم أنه بفوات وقت الرمي ينتقل التحلل إلى كفارته , فلا يحل حتى يؤديها .

وحصول التحلل الأكبر باستكمال الأفعال الثلاثة : رمي جمرة العقبة , والحلق , وطواف الإفاضة المسبوق بالسعي محل اتفاق الفقهاء , وبه تباح جميع محظورات الإحرام بالإجماع .