من أسماء الله الحسنى: الرفيق
الرّفقُ ضد العنف .
رفق بالأمر وله وعليه ، يرفُق رِفْقا : لَطَفَ ، وكذالك : تَرفَّق به .
قال الليث : الرّفق لين الجانب ولطافةُ الفعل .
والرفيق : المرافق ، والجمع : الرفقاء .
وقال ابن الأعرابي : رَفَقَ : انتظر .
والرّفق والمِرفق والمَرفِقُ والمرفَقُ : ما استُعين به ، وقد ترفَّق به.
وارتَفَق ، وفي التنزيل ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِرْفَقاً﴾ : (الكهف : 16 )
ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال : “يا عائشة ! إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحبُّ الرِّفقَ ، ويُعطي على الرِّفقِ مالا يُعْطي على العُنْف ، ومالا يُعطي على سواه ” وعنها رضي الله عنها قالت : لما مرضَ النبي ﷺ المرضَ الذي مات فيه جعل يقول : ” في الرفيق الأعلى ” وفي رواية : أنه رفع يده أو إصبعه ثم قال : ” في الرفيق الأعلى” ثلاثاً ثم قَضَى … .
قال القرطبي بعد أن بيَّن المعنى اللغوي للاسم : ولله تعالى من ذلك ما يليق بجلاله سبحانه .
فهو الرفيق : أي الكثير الرفق ، وهو اللِّين وهو التسهيل ، وضده العنف والتشديد والتصعيب .
وقد يجيء الرفق بمعنى : الإرفاق ، وهو إعطاء ما يرتفق به ، وهو قول أبي زيد . وكلاهما صحيحٌ في حقِّ الله تعالى .
إذْ هو الميسر والمسهِّل لأسباب الخير كلها ، والمعطي لها و أعظمها : تيسير القرآن للحفظ ، ولولا ما قال ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ﴾ ( القمر : 17 ) ما قَدِرَ على حفظه أحد ، فلا تيسير إلا بتيسيره ، ولا منفعةَ إلابإعطائه وتقديره .
وقد يجيئ الرفق أيضاً بمعنى : التَّمهل في الأمور والتأني فيها ، يقال منه : وقفتُ الدابة ارفها رفقاً ، إذا شددت عَضُدها بحبلٍ لتبطئ في مشيها .
وعلى هذا يكون (( الرفيق )) في حق الله تعالى بمعنى (( الحليم )) فإنه لا يعجل بعقوبة العُصاة ليتوب من سَبَقَتْ له العناية ، ويزداد إثماً من سبقت له الشقاوة .
وقال الخطابي : (( إن الله رفيق )) معناه : ليس بعجول ، وإنما يعجل من يخاف الفوت ، فأما من كانت الأشياء في قبضته وملكه فليس يعجل فيها .
وقال النووي : وأما قوله ﷺ : ” إن الله رفيقٌ ” ففيه تصريح بتسميته سبحانه وتعالى ووصفه برفيق . قال المازري : لا يوصف الله سبحانه وتعالى إلا بما سمى به نفسه أو سمّاه به رسول الله ﷺ أو أجمعت الأمة عليه ، و أما ما لم يرد إذن في إطلاقه ، ولا ورد منعٌ في وصف الله تعالى به ففيه خلاف : منهم من قال يبقى على ما كان قبل ورود الشرع ، فلا يوصف بحل ولا حرمة ، ومنهم من منعه .
قال : و للأصوليين المتأخرين خلافٌ في تسمية الله تعالى بما ثبت عن النبي ﷺ بخبر الآحاد ، فقال بعض حذاق الأشعرية : يجوز ، لأن خبر الواحد عنده يقتضي العمل ، وهذا عنده من باب العمليات لكنه يمنع إثبات أسمائه تعالى بالأقيسة الشرعية ، وإنْ كانت يعمل بها في المسائل الفقهية ، وقال بعض متأخريهم : يمنع ذلك ! فمن أجاز ذلك فَهِمَ مِن مسالك الصحابة قبولهم ذلك في مثل هذا ، ومَن منع لم يُسلم ذلك ، ولم يثبت عنده إجماعٌ فيه فبقي على المنع .
قال المازري : فإطلاق رفيق إن لم يثبت بغير هذا الحديث الآحاد ، جرى في جواز استعماله الخلاف الذي ذكرنا ، قال : ويحتمل أن يكون صفة فعل ، وهى : ما يخلقه الله تعالى من الرفق لعباده . هذا آخر كلام المازري.
قال النووي : والصحيح جواز تسمية الله تعالى رفيقاً وغيره مما ثبت بخبر الواحد ، وقد قدَّمنا هذا واضحاً في كتاب الإيمان في حديث ” إن الله جميل يحب الجمال ” في (( باب تحريم الكبير )) وذكرنا أنه اختيار إمام الحرمين.
وقال ابن القيم في (( النونية ))
وهو الرفيقُ يُحبُّ أهل الرفقِ يُعطيهم بالرِّفقِ فوقَ أَماَنِ
1 – أن الله تعالى موصوف بالرفق ، وهو من صفاته ، ذاتٍ أو صفة فعل ، وقد نقل إجماع الأمة على ذلك الإمام أبو يعلى الفراء ، وقال : لأنهم يقولون : يا رفيق ارفُقْ بنا في أحكامك .
2 – ورفقه سبحانه وتعالى بعباده يظهر في رأفته ورحمته بهم شرعاً وقدرًا ، وهو مالا يحصى و لا يعد.
3- ومن رفقه سبحانه بعباده إمهاله للعصاه منهم ليتوبوا إليه ، ولو شاء لعجلهم بالعقوبة ، لكنه رفق بهم وتأنى ، ليحصل لهم ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة ، فله الحمد حمدًأ كثيرًا طيبًا كما يحب ويرضى .
4- وهو سبحانه وتعالى رفيق يحب الرفق وأهله ، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف قيل : من الثواب ، وقيل : يتأتى معه من الأمور مالا يتأتى مع ضده .
وقد حث الرسول ﷺ على استعماله حتى مع الأعداء أحيانا ، وقد بوب الإمام البخاري في (( صحيحه )) : (( باب الرفق في الأمر كلِّه )) ، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها قالت : دخل رهطٌ من اليهود على رسول الله ﷺ فقالو : السَّامُ عليكم ، قالت عائشة : ففهمتها فقلت : وعليكم السَّامُ واللعنة ، قالت : فقال رسول الله ﷺ : ” مهلاً يا عائشة ، إنَّ الله يحبُّ الرفقَ في الأمرِ كله ” ، فقلت : يا رسول الله أَولم تسمع ماقالوا؟ قال رسول ﷺ : ” قد قلت وعليكم” .
وعنها أيضا رضي الله عنها : عن النبي ﷺ قال : ” إنَّ الرفقَ لا يكون في شيء إلا زَانَه ، ولا يُنْزعُ من شيءٍ إلا شانه “
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول ﷺ ” مَنْ يُحْرمِ الرفقَ يُحْرمِ الخير ” .
قال القرطبي : فينبغي لكل مسلم أن يكون رفيقًا في أموره ، وجميع أحواله ، غير عجلٍ فيها ، فإن العَجَلة من الشيطان ، ولا تُفارقُهُ الخيبةُ والخُسْران ، وقال رسول الله ﷺ لأَشج عبد القيس : ” إنَّ فيك لخَصلْتين يُحبهما الله : الحِلْم والأناة ” .
من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي
اقرأ المزيد في هذه السلسلة:
- أسماء الله الحسنى وشرح معانيها
- من أسماء الله الحسنى: الله الاسم الأعظم للرب تبارك وتعالى
- من أسماء الله الحسنى: الرحمن – الرحيم
- من أسماء الله الحسنى: الملك – المالك – المليك
- من أسماء الله الحسنى: القدوس
- من أسماء الله الحسنى: السلام
- من أسماء الله الحسنى: المؤمن
- من أسماء الله الحسنى: المهيمن
- من أسماء الله الحسنى: العزيز
- من أسماء الله الحسنى: الجبار
- من أسماء الله الحسنى: المتكبر – الكبير
- من أسماء الله الحسنى: الخالق – الخلاق
- من أسماء الله الحسنى: البارئ
- من أسماء الله الحسنى: المصور
- من أسماء الله الحسنى: الغافر – الغفور – الغفار
- من أسماء الله الحسنى: القاهر – القهار
- من أسماء الله الحسنى: الوهاب
- من أسماء الله الحسنى: الرزاق – الرازق
- من أسماء الله الحسنى: الفتاح
- من أسماء الله الحسنى: العليم – العالم – العلام
- من أسماء الله الحسنى: السميع
- من أسماء الله الحسنى: البصير
- من أسماء الله الحسنى: اللطيف
- من أسماء الله الحسنى: الخبير
- من أسماء الله الحسنى: الحليم
- من أسماء الله الحسنى: العظيم
- من أسماء الله الحسنى: الشكور – الشاكر
- من أسماء الله الحسنى: العلي – الأعلى – المتعال
- من أسماء الله الحسنى: الحفيظ – الحافظ
- من أسماء الله الحسنى: المقيت
- من أسماء الله الحسنى: الحاسب – الحسيب
- من أسماء الله الحسنى: الكريم – الأكرم
- من أسماء الله الحسنى: الرقيب
- من أسماء الله الحسنى: المجيب
- من أسماء الله الحسنى: الواسع
- من أسماء الله الحسنى: الودود
- من أسماء الله الحسنى: المجيد
- من أسماء الله الحسنى: الشهيد
- من أسماء الله الحسنى: الحق
- من أسماء الله الحسنى: الوكيل – الكفيل
- من أسماء الله الحسنى: القوي – المتين
- من أسماء الله الحسنى: الولي – المولى
- من أسماء الله الحسنى: الحميد
- من أسماء الله الحسنى: الحي
- من أسماء الله الحسنى: القيوم
- من أسماء الله الحسنى: الواحد – الأحد
- من أسماء الله الحسنى: الصمد
- من أسماء الله الحسنى: القادر – القدير – المقتدر
- من أسماء الله الحسنى: الأول
- من أسماء الله الحسنى: الآخر
- من أسماء الله الحسنى: الظاهر
- من أسماء الله الحسنى: البر
- من أسماء الله الحسنى: التواب
- من أسماء الله الحسنى: العفو
- من أسماء الله الحسنى: الرؤوف
- من أسماء الله الحسنى: الغني
- من أسماء الله الحسنى: الباطن
- من أسماء الله الحسنى: النور
- من أسماء الله الحسنى: الهادي
- من أسماء الله الحسنى: البديع
- من أسماء الله الحسنى: الوارث
- من أسماء الله الحسنى: ذو الفضل
- من أسماء الله الحسنى: ذو الطول
- من أسماء الله الحسنى: ذو المعارج
- من أسماء الله الحسنى: المحيط
- من أسماء الله الحسنى: الغالب
- من أسماء الله الحسنى: الكافي
- من أسماء الله الحسنى: المستعان
- من أسماء الله الحسنى: الفاطر
- من أسماء الله الحسنى: الناصر – النصير
- من أسماء الله الحسنى: القريب
- من أسماء الله الحسنى: المبين
- من أسماء الله الحسنى: الرب
- من أسماء الله الحسنى: ذو الجلال والإكرام
- من أسماء الله الحسنى: الحكم – الحاكم – الحكيم
- من أسماء الله الحسنى: الشافي
- من أسماء الله الحسنى: الرفيق
- من أسماء الله الحسنى: السبوح
- من أسماء الله الحسنى: الجميل