السرقة انحراف سلوكي، يدل على وهن نفسي أمام نداء الشهوة العوجاء، سببه خواء داخلي خلا من تعظيم حق الخالق، وتعظيم حق المخلوق، وهي استجابة جامحة للسطو على معصوم الآخرين من غير كابح من دين أو خلق.
وهذا في الحقوق الحسية كالأموال، وهناك سرقة أشد منها شناعة وهي السرقة في الحقوق المعنوية كالسرقة من العبادات، قال رسول الله ﷺ: “أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قالوا: وكيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.
وعلى هذا المنوال يعيش ناس في رمضان يسرقون صومهم؛ تكاسلاً، أو جهلاً، أو طلبًا للراحة وهروبًا من ثقل العبادة، ونحو ذلك من الأسباب.
فهناك من الصائمين من يسرق من صومه كجعله صيامَ رمضان عادة لا عبادة، وذلك حينما لا يبتغي به وجه الله تعالى، ولا يقوم به كما جاء في الشرع، وإنما يجاري به جمعَ المسلمين، فكيفما صام الناس صام.
ومن سُرّاق صومهم: من يصوم رمضان ولا يصلي الصلوات الخمس، أو بعضها.
ومن سُرّاق صومهم: من يظل نهار رمضان في نوم طويل، فلا يعرف من يوم الصوم إلا نصفه، أو ثلثه، أو ربعه، بل إن بعضهم لا يستيقظ إلا عند الإفطار.
ومن سُرّاق صومهم: مَن يجرحون صيامهم ببذاءة اللسان بالغيبة والنميمية والسب وغيرها، فهذ الأفعال تسرق عليهم كمالَ الأجر، وتنقصهم عن الظفر بتمام الثواب، قال رسول الله ﷺ: “قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم”.
وأما سرقة الناس من أموالهم أو متاعهم أو غير ذلك فهو أمر محرم وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة، ومن تمام التوبة أن يرد المال المسروق أو المتاع أو غير ذلك إلى صاحبه غير منقوص، وشروط التوبة هي:
الأول : الندم على الماضي، كونه يندم على معصيته التي سلفت منه، يحزن عليها.
الثاني: الإقلاع منها، تركها والحذر منها.
الثالث: العزم الصادق ألا يعود فيها خوفًا من الله وتعظيمًا له.
وأما صيام السارق : فهو صحيح في مذهب جماهير العلماء ولا يبطل بالسرقة، فلا علاقة بين الأمرين، فالصيام له مبطلات معروفة عند أهل العلم.