من حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في بيت خاص بها ، وأن لا يشركها في بيت الزوجية أهل الزوج أو أقاربه.

وأما إذا كان والدا الزوج مريضين، أو كبيرين يحتاجان إلى الرعاية والخدمة فلا يجوز للزوج أن يسكن بعيدا عنهما، بل عليه أن يكون بجوارهما يتفقدهما ، ويرعاهما، والزوجة لا يجب عليها خدمة أهل زوجها، ولكن هذا من مكارم الأخلاق، ومن العشرة بالمعروف، والحياة الزوجية لا تبنى فقط على الشروط والواجبات، ولكن تبنى على التغاضي والتراضي…. لا على التقاضي.

يقول فضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي: –

ينبغي على المرأة الصالحة أن تعي وتدرك أن حنان الوالدين وأن ما في قلبي الوالدين من الرحمة والصلة بالولد فوق الخيال وفوق التصور ، فينبغي أن تقدر هذه العاطفة ،وأن تقدر هذه الرحمة التي قذفها الله في قلب الوالد والوالدة ،ولا يكون هناك ما يبعث على الغيرة أو يبعث على قطع الولد عن والديه .

ولتكن الزوجة على علم أنها إذا أرادت أن يبارك الله لها في زوجها ،وأن يقر عينها في بعلها فلتعنه على بر والديه ، وعلى الزوجة إذا كان والدا الزوج بحاجة إلى قرب الولد أن تكون قريبة من والدي الزوج، وأن تقابل والدي الزوج بالمحبة والإجلال والوفاء .

وقد جعل الله والد الزوج محرماً لحليلة ابنه حتى يحصل التواد والتراحم والتواصل ،وتنظر المرأة لوالد زوجها وكأنه والد لها، فتشفق عليه ،وترعى أموره وتحسن إليه وكذلك لوالدته .

وأكثر ما تقع المشاكل بين الزوجات والأمهات ؛ والسبب في ذلك واضح ، أن أبلغ الحنان وأكمل ما تكون الرحمة من أمةٍ لعبد أو من عبد لعبد أو من أمة لأمه ، إنما هو حنان الأم لولدها، ولا تلام في ذلك –فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لما دمعت عيناه على ابنه إبراهيم ، قيل ما هذا يا رسول الله ، قال : (( رحمة أسكنها الله في قلوب عباده )) فالله أسكن في قلب الأم رحمة تحن بها إلى ولدها ،وتصبح فارغة الهم إلا من ولدها ، فما على الزوجة إلا أن تقدر ذلك ، فإذا انطلقت من منطلق الغيرة ،أو وسوس الشيطان لها بالوساوس والخطرات، فقطعت الزوج عن أمه وأبيه، وعندها تتأذن لسخط الله-والعياذ بالله- وغضبه .

الله أعلم كم من قلب أم تقرح بسبب أذية الزوجة وأضرارها؟!

الله أعلم كم من عين بكت ودمعت بسبب ظلم الزوجة وأذيتها لوالدي الزوج ؟!

الله الله على المرأة المؤمنة أن تخاف الله وتتقيه، وإذا كانت تعين بعلها على الظلم وعلى القطيعة، فلتعلم أنه سيأتي يوم يؤذنها الله هي وبعلها بالعقوبة ، فالعقوق لا خير فيه فإنه من الذنوب التي يعجل الله بها العقوبة ، يقول بعض العلماء : إذا كانت المرأة تعين زوجها على عقوق الولدين تجمع بين ذنبين وبين إساءتين :

الذنب الأول : أنها شريكة له في عقوق الوالدين-والعياذ بالله- .

والذنب الثاني : أنها قاطعة للرحم . وجاء في الخبر أنه ما من ذنب أحرى أن تعجل عقوبته في الدنيا مع ما أدخر الله لصاحبه من عقوبة الآخرة من قطعية الرحم ، فقطيعة الرحم عذابها عاجل ، ولذلك قال الله في كتابه : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ @ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } .

فالمرأة التي تعين بعلها على عقوق الوالدين قاطعة لرحمها لا تخاف الله-عز وجل – في زوجها ،ولا تخاف الله في رحمها، وما عليها إلا أن تبذل كل ما تستطيع للصبر واحتساب الأجر.

وإذا كانت المرأة ترى من والدي الزوج أمورا توجب لها أن تضر بوالدي الزوج، فعليها أن تسأل العلماء ،وأن ترجع لأهل العلم حتى تعلم ما الذي يجب عليها .

وفي بعض الأحيان يتدخل والد الزوجة ، أوالدة الزوجة في شؤون البيت….الأمر الذي يحدث النفرة من الزوج، أو يحدث النفرة عند الزوجة والواجب في مثل هذه المواقف أن ينظر الزوج والزوجة إلى المفاسد فإن وجد مفسدة في تدخل والدي الزوجة أعظم من مفسدة إبعادها، فحينئذ يبعدها عن والديها ، ويأذن لها بالزيارة في حدودٍ ضيقة حتى تصل وتقوم بحق البر مع الأمن من الأذية والإفساد والإضرار .

وكذلك أيضاً إذا كان والدا الزوج يتدخلان في شؤون الزوجة، وفي شؤون البيت بالإفساد والإضرار والأذية فالمرأة مخيرة بين أمرين :-

إما أن تصبر وتحتسب الأجر فهذا أحسن وأفضل وأكمل.

وإما أن تنظر إلى المفاسد فإن غلبة مفسدة التدخل سألت زوجها أن يبعدها عن والديه ، وعلى الأزواج أن يتقوا الله في زوجاتهم فإذا نظروا أن تدخل الوالدين في شؤون البيت وأمور البيت أنه يحدث للمرأة أذية وإضراراً لا يسعها الصبر عليهما ….فعلى الزوج أن يتقي الله في زوجته ،وأن ينصفها من أهله ووالديه .

وإذا قام بإبعاد زوجته عن والديه فلا يعد عاقاً لوالديه ،ولو سكن بعيداً عن والديه في هذه الحالة المشتملة على الإضرار والأذية، فمع تفقد الوالدين فإنه لا يعتبر عاقاً لوالديه ؛ لأن الله-عز وجل – لا يأمر بالظلم ولا يرضى بالظلم ، فلا يأمر الله-عز وجل – بالظلم فيقال للرجل : ابق هاهنا إرضاء لوالديك ،والولدان سوطا عذاب على المرأة في أذية وإضرار وظلم وإجحاف ، والعكس كذلك .

وعلى الزوج وعلى الزوجة أن يتقي الله كل منهما في الآخر وأن ينظرا للأمور بمنظارها الشرعي من حيث ترتب المفاسد ووجود المصالح ، وإذا كانت المرأة ترى المفاسد عظيمة واختارت الصبر فهذا أفضل وأعظم أجراً ؛ لأن الله-تعالى- يقول : { فَبَشِّرْ عِبَادِي @ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } . قالوا : أحسنه يعنى أحسن القرآن لأن القرآن فيه حسن وفيه أحسن فحسن القرآن أن ترد المرأة الإساءة بالإساءة والرجل يرد الإساءة بالإساءة ؛ ولكن الأحسن أن يرد الإساءة بالإحسان وذلك لمن قال الله عنه : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } هذا من جهة والدي الزوجة ووالدي الزوج ، أما بالنسبة لبقية القرابة كالإخوان والأخوات ونحو ذلك فعلى كلا الزوجين أن يتقوا الله في القرابة . انتهى.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :-

السكنى للزوجة على زوجها واجبة , وهذا الحكم متفق عليه بين الفقهاء , لأن الله تعالى جعل للمطلقة الرجعية السكنى على زوجها . قال تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } فوجوب السكنى للتي هي في صلب النكاح أولى . ولأن الله تعالى أوجب المعاشرة بين الأزواج بالمعروف قال تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } ومن المعروف المأمور به أن يسكنها في مسكن تأمن فيه على نفسها ومالها , كما أن الزوجة لا تستغني عن المسكن ; للاستتار عن العيون، والاستمتاع وحفظ المتاع، فلذلك كانت السكنى حقا لها على زوجها , وهو حق ثابت بإجماع أهل العلم .

فالجمع بين الأبوين والزوجة في مسكن واحد لا يجوز – وكذا غيرهما من الأقارب – ولذلك يكون للزوجة الامتناع عن السكنى مع واحد منهما ; لأن الانفراد بمسكن تأمن فيه على نفسها ومالها حقها , وليس لأحد جبرها على ذلك، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة . وذهب المالكية إلى التفريق بين الزوجة الشريفة والوضيعة , وقالوا بعدم جواز الجمع بين الزوجة الشريفة والوالدين , وبجواز ذلك مع الزوجة الوضيعة , إلا إذا كان في الجمع بين الوضيعة والوالدين ضرر عليها . وإذا اشترط الزوج على زوجته السكنى مع الأبوين , فسكنت ثم طلبت الانفراد بمسكن فليس لها ذلك عند المالكية , إلا إذا أثبتت الضرر من السكن مع الوالدين . وقال الحنابلة : إن كان عاجزا لا يلزمه إجابة طلبها , وإن كان قادرا يلزمه . وقيل لا يلزمه غير ما شرطته عليه انتهى ..

ويقول الشيخ سيد سابق من علماء الأزهر الشريف مبينا حق الزوج على زوجته :-

حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به الرجل، فلا تعبس في وجهه، ولا تبد في صورة يكرهها… وهذا من أعظم الحقوق.

روى الحاكم عن عائشة قالت” سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقًا على المرأة؟ قال: زوجها. وقالت: فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟ قال: أُمه” . ويؤكد رسول الله هذا الحق فيقول: “لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها”. رواه أبو داود، والترمذي وابن ماجه، وابن حبان.

وقد وصف الله سبحانه الزوجات الصالحات فقال: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله )[سورة النساء: من الآية 34]

والقانتات أي الطائعات. والحافظات للغيب: أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن، فلا يخنه في نفس أو مال.

وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة، وبه تدوم الحياة الزوجية، وتسعد.

وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها طاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك.

ومحافظة الزوجة على هذا الخلق يعتبر جهادًا في سبيل الله. روى ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول أنا وافدة النساء إليك: “هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فأن يُصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون. ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “أبلغي من لقيت من النساء: أن طاعة الزوج، واعترافًا بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله”.

ومن عظم هذا الحق أن قرن الإسلام طاعة الزوج بإقامة الفرائض الدينية وطاعة الله، فعن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت” رواه أحمد والطبراني.

وعن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه: “أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة”.

وأكثر ما يدخل المرأة النار، عصيانها لزوجها، وكفرانها إحسانه إليها، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن العشير؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرا قط”. رواه البخاري

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح”. رواه أحمد والبخاري ومسلم.

وحق الطاعة هذا مقيد بالمعروف. فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلو أمرها بمعصية وجب عليها أن تخالفه.

ومن طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألا تحج تطوعًا إلا بإذنه، وألا تخرج من بيته إلا بإذنه.

روى أبو داود الطيالسي. عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “حق الزوج على زوجته ألا تمنعه نفسها، ولو كان على ظهر قتب [قتب: رحل صغير يوضع على ظهر الجمل] وأن لا تصوم يومًا واحدًا إلا بإذنه. إلا لفريضة، فإن فعلت أثمت، ولم يتقبل منها، وألا تعطي من بيتها شيئًا إلا بإذنه فإن فعلت كان له الأجر، وعليها الوزر.. وألا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنها الله، وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع، وإن كان ظالمًا.