الإجارة مشروعة جائزة بإجماع الفقهاء ، والأصل في جواز الإجارة الكتاب والسنة، والإجماع.
أما الكتاب فقول الله تعالى ” فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن “.
وقال تعالى “قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين . قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك “
… وقال الله تعالى ” فوجدوا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه ، قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً “، وهذا يدل على جواز أخذ الأجر على أقامته .
وأما السنة فثبت أن رسول الله – ﷺ – وأبا بكر استأجرا رجلاً من بنى الديل هاديا خريتا “، وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله – ﷺ – قال ” قال الله عز وجل : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ، ولم يوفه أجره
وأجمع أهل العلم في كل عصر ، وكل مصر على جواز الإجارة ، إلا ما يحكى عن عبدالرحمن ابن الأصم أنه قال : لا يجوز ذلك لأنه غرر ، يعنى أنه يعقد على منافع لم تخلق، وهذا غلط ، لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار ، وسار في الأمصار ، والعمرة أيضاَ دالة عليها ، فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان فلما جاز العقد على الأعيان ، وجب أن تجوز الإجارة على المنافع ، ولا يخفى ما بالناس من الحاجة إلى ذلك ، فإنه ليس لكل أحد دار يملكها ، ولا يقدر كل مسافر على بعير أو دابة يملكها ، ولا يلزم أصحاب الصنائع والأملاك إسكانهم ، وحملهم تطوعاً ، وكذلك أصحاب الصنائع يعملون بأجر ، ولا يمكن كل أحد عمل ذلك ، ولا يجد متطوعاً به ، فلابد من الإجارة لذلك ، بل ذلك مما جعله الله تعالى طريقا للرزق ، حتى إن أكثر المكاسب بالصنائع ، وما ذكره من الغرر لايلتفت إليه بعد وجودها ، لأنها تتلف بمضي الساعات ، فلابد من العقد عليها قبل وجودها ، كالسلم في الأعيان.
من كتاب المغني لابن قدامة المقدسي باختصار وتصرف.