روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ـ ﷺ ـ قال ” إنكم في زمان من ترك منكم عُشْر ما أُمِرَ به هلك، ثم يأتي زمان من عمل منهم بعُشْر ما أُمِر به نجا” قال: هذا حديث غريب، والحديث الغريب في اصطلاح رجال الحديث هو الذي رواه راوٍ واحد فقط، ولكن لم يُحْكم عليه بصحة أو حسن ” تفسير القرطبي ج 6ص 343″.
وقريب من هذا الحديث موجود في مسند أحمد وفي صحيح الألباني” إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه، من ترك عشر ما يعرف فقد هوى، ويأتي من بعد زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا”
وهذا يدل على سهولة التمسُّك بالدِّين في الأول، وصعوبته في الزَّمن الآخر، تبعًا لتغيُّر الظروف، ولذلك جاء في الحديث أن العمل في الزمن الأخير له ثواب العمل في الزمان الأول، فقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما أن أبا ثعلبة الخَشْني سأل النبي ـ ﷺ ـ عن قوله تعالى (يَا أيُّها الذين آمنوا عَلَيْكُم أنْفُسَكُم لا يَضُرُّكم مَن ضلَّ إذا اهْتَدَيْتُم) (سورة المائدة :105)، فقال” ائتمِروا بالمعروف وتَناهَوا عن المنكر حتى إذا رأيت شُحَّاً مطاعًا وهوىً متَّبعًا ودُنيا مُؤْثَرَةً وإعجابَ كلِّ ذي رأى برأيه فعليك نفسَك ودع عنك العامَّة، فإن من ورائكم أيامًا الصبْر فيهن مثل القبض على الجمْر، للعامل فيهِنَّ مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عملكم” وفي رواية قيل: يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال” بل خمسين منكم” قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن غريب قال ابن عبد البر : قوله ” بل منكم” هذه اللفظة قد سكت عنها بعض الرواة فلم يذكرْها ” المرجع السابق.