الحديث رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة (2/298) والطبراني في معجمه الكبير(2/317) وغيرهم من طريق عباد بن عباد ، أبي عتبة ، عن أبي زرعة ، عن أبي وعلة شيخ من عك، عن كريب عن مرة بن كعب البهزي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم ، وهم كالإناء بين الأكلة، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) قلنا: يا رسول الله: وأين هم؟ قال: (بأكناف: بيت المقدس) وسنده ضعيف.

فيه زكريا بن نافع الأرسوفي الراوي عن عباد ، وفيه جهالة ، وقد توبع .وفيه أبو وعلة العكي ، وهو مجهول أيضاً .

أما خبر الطائفة المنصورة فهو متواتر ، وقد ذكرت الطائفة من رواياته في كتابي “صفة الغرباء” وممن صرح بتواتره ابن تيمية والسيوطي والزبيدي والكناني وغيرهم .

أما أنهم بالشام فلعل أصح ما ورد فيه ما رواه البخاري في صحيحه (2/189) عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال : وهم بالشام.

وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً : لا يزال أهل الغرب ظاهرين ..
(3/1525) قال الإمام أحمد : أهل الغرب هم أهل الشام (الفتاوى 27/41) . كما جاء في مسند أحمد من رواية عبد الله ( 5/69 ) من حديث أبي أمامة مرفوعاً : .. هم ببيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس .وفي تاريخ البخاري ( 4/62 ) بسند صحيح : قال النبي صلى الله عليه وسلم هم بالشام .

والظاهر أن هذه الأحاديث مرتبطة بأحاديث الملاحم التي في آخر الزمان ، والتي منها قتال اليهود .

والحديث الصحيح الوارد عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو حديث متواتر ، في أعلى درجات الصحة ، رواه البخاري ومسلم عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ) وفي رواية لمسلم (1037) (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ) .
وأما الزيادة المذكورة في الحديث وهي : (فقيل : من هم يا رسول الله؟ قال : هم في بيت المقدس) .
هذه الزيادة رواها الإمام أحمد في المسند عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ )، وضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة.
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
وقد اختلف في مكانها [يعني : الطائفة المنصورة] : فقال ابن بطال: إنها تكون في بيت المقدس، كما رواه الطبراني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه : (قيل : يا رسول الله ! أين هم؟ قال : ببيت المقدس) وقال معاذ رضي الله عنه : (هم بالشام) .
فعلى هذا؛ فهذه الطائفة قد تجتمع وقد تفترق، وقد تكون في الشام وقد تكون في غيره؛ فإن حديث أبي أمامة وقول معاذ لا يفيد حصرها بالشام، وإنما يفيد أنها تكون في الشام في بعض الأزمان لا في كلها”.