ليس لأحد بعد الطلاق ثلاثا أن ينظر في أمر الولي في عقد الزواج، وهل كان عدلا أو فاسقا ليجعل من فسقه ذريعة إلى عدم إيقاع الطلاق الثالث، وكذلك لا يجوز له أن يبحث عما يفسد به الزواج الأول ليجعل هذا ذريعة لعدم إيقاع الطلاق على المرأة.
وقد أفتى بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله فقال في الفتاوى الكبرى :
إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق، وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقاً ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح بل وفى غيره من الأنكحة الفاسدة .
وإذا فرَّع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه ، فإنّه لا يجوز أن يستحل الحرام من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما .
وهذا الزوج كان يستحلُّ وطأها قبل الطلاق، ولو ماتت لورثها فهو عامل على صحة النكاح فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده .
وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين .
وهؤلاء المطلِّقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفى وقت يقلدون من يصححه بحسب الغرض والهوى ،
ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة . أهـ