اتفق الفقهاء على أن الصدقة ينبغي أن تكون سرًّا وذلك لقول الرسول ﷺ: “سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه” وذكر منهم “رجلٌ تَصدَّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تَعلَمَ شمالُه ما أنفقت يمينُه” وقال ﷺ: “صنائعُ المعروفِ تَقي مصارعَ السوءِ، وصدقةُ السرِّ تُطفئُ غضبَ الربِّ، وصلةُ الرحم تَزيدُ في العمرِ” ولأن الإسرار بالصدقة يخلو من المنِّ والأذى، ولهذا قال جل شأنه: (يا أيها الذين آمنوا لا تُبطِلوا صدقاتِكم بالمَنِّ والأذى كالذي يُنفِقُ مالَه رئاءَ الناسِ).
ولا خلاف بين الفقهاء في حرمة المَنِّ بالصدقة؛ لأنه يؤدي إلى الحرمان من الثواب، وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “ثلاثةٌ لا يكلمُهم اللهُ يومَ القيامةِ ولا ينظرُ إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليمٌ” فقرأها رسول الله ـ ﷺ ـ ثلاث مرات، ثم قال أبو ذر: خابوا وخَسِروا، من هم يا رسول الله؟ قال: “المُسبِلُ والمَنّانُ والمنفِقُ سِلعتَه بالحَلِف الكاذبِ.
والواجب على من وسع الله عليه في الرزق أن يشكر الله عز وجل على نِعَمِه، وألاّ يُدخِلَ الحرجَ على أحد من الناس حتى لا يقعَ الناس في حرج، ما دام يقصد بعمله التقرب إلى الله عز وجل، عملاً بقوله تعالى: (إنما نُطعِمُكم لوجهِ اللهِ لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكورًا. إنا نخافُ من ربِّنا يومًا عَبوسًا قَمْطَرِيرًا. فوَقَاهم اللهُ شرَّ ذلك اليومِ ولقَّاهم نَضرةً وسرورًا. وجزاهم بما صبَروا جنةً وحريرًا).