النصوص الواردة في القرآن والسُّنَّة عبَّرت بالرَّضاع، والرضاع معروف أنه مَصُّ اللَّبن من الثَّدي، أما وصول اللَّبن إلى الطفل بغير ذلك ففي حُكْمه خلاف، يرى الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن حُكْمَ الرَّضاع يَثبُت بمصِّ اللَّبن من الثدي، وبصبه في الفم، وهو ما يُعَبَّر عنه بالوجور، وكذلك بالسعوط وهو صبُّه في الأنف، ومثله ما لو عُمِل اللبن جُبْنًا وأكله الطفل، وأبو حنيفة يخالف في مسألة الجُبْن، لزوال اسم اللَّبن عنه.
أما داود وابن حزم الظاهريان فقصرا الرَّضاع المُحَرَّم على المَصِّ بالفم فقط، واستدل الجمهور بأن الغرض من الرَّضاع هو طرد الجوع، وإنبات اللحم ونَشْز العَظْم، وهو ما يحصل بأية وسيلة تكون، كما جاء التعبير عن الغرض في أحاديث الرسول ـ ﷺ ـ التي رواها البخاري وغيره.
وإذا وصل اللبن إلى جوف الطفل بحقنة شَرجِيَّة لم يَحْرُم عند أبي حنيفة ومالك وأحمد، ويَحْرُم عند الشافعي. كما يفطر به الصوم. وله رأي آخر كالجمهور؛ لأنَّ الحُقنة في الشرج ليست للتغذية ولكن للإسهال.
ورأي الظاهرية مُعتمد على النص على الرَّضاعة وهي لا تكون إلا بمصِّ اللبن من الثَّدي، فهم مُلْتزمون بالنَّص، والآخرون ناظرون إلى الحِكْمَة، والوسائل في تغيُّر وتطوُّر.