ذهب الأحناف إلى أن للمتيمم أن يصلي ما شاء من الفرائض والنوافل، ورجح هذا المذهب شيخ الإسلام ابن تيمية مقررا أن التيمم عبادة كالوضوء لا ينتقض إلا بما ينتقض به الوضوء، وبوجود الماء ونسب ذلك إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه .
بينما ذهب الشافعي والحنابلة في رواية عنهم إلى أن المتيمم لا يصلي أكثر من فريضة بتيمم واحد ، وذهب الإمام مالك إلى بطلان التيمم بخروج الوقت، فالتيمم عند المالكية يكون لوقت كل صلاة، وليس لكل صلاة .
وأما كيفية التيمم فقد ذهب الحنفية والشافعية إلى أن الواجب في التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين وذهبوا إلى أن الواجب في اليدين هو مسحهما إلى المرفقين، وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الواجب ضربة واحدة والفرض في مسح اليدين إلى الكوعين والزيادة إلى المرفقين سنة والزيادة على الضرب سنة عند المالكية.
فالكيفية الصحيحة للتيمم هي ضربة واحدة للوجه والكفين.
قال المرداوي في كتابه الإنصاف في الفقه الحنبلي :-
ظاهر قول ابن قدامة ( ويبطل التيمم بخروج الوقت ) أن التيمم مبيح لا رافع , وهو صحيح , وهوالمذهب- يقصد مذهب الحنابلة – , نص عليه أحمد ، وعليه الأصحاب . قال الزركشي : وهوالمختار للإمام والأصحاب .
وقال أبو الخطاب في الانتصار- من الحنابلة – : يرفعه رفعا مؤقتا على رواية الوقف . وعنه أنه رافع . فيصلي به إلى حدثه , اختارها ابن الجوزي, والشيخ تقي الدين ابن تيمية , وابن رزين , وصاحب الفائق . فيرفع الحدث إلى القدرة على الماء . ويتيمم لفرض ونفل قبل وقته , ولنفل غير معين،لا سبب له وقت نهي . انتهى .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار :-
استدل أبو البركات ابن تيمية بالحديث ( يقصد الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ﷺ ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت ) والحديث الذي رواه أبو أمامة أن رسول الله ﷺ قال : ( جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا , فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره ) رواهما أحمد على اشتراط دخول الوقت للتيمم لتقييد الأمر بالتيمم بإدراك الصلاة وإدراكها لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعا .
وقد ذهب إلى ذلك الاشتراط الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وداود , واستدلوا بقوله تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } ولا قيام قبله والوضوء خصه الإجماع والسنة .
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجزئ قبل الوقت كالوضوء , وهذا هو الظاهر , ولم يرد ما يدل على عدم الإجزاء , والمراد بقوله إذا قمتم : إذا أردتم القيام , وإرادة القيام تكون في الوقت وتكون قبله , فلم يدل دليل على اشتراط الوقت حتى يقال خصص الوضوء الإجماع . انتهى .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ( هل يجوز لأحد أن يصلي بالتيمم السنن الراتبة والفريضة وأن يقتصر عليه إلى أن يحدث ؟ أم لا ؟ ) فأجاب بقوله :-
نعم يجوز له في أظهر قولي العلماء أن يصلي بالتيمم كما يصلي بالوضوء فيصلي به الفرض والنفل ويتيمم قبل الوقت وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه ولا ينقض التيمم إلا ماينقض الوضوء والقدرة على استعمال الماء .
وقال في موضع آخر :-
الذي ذكرناه في الوضوء : هو بعينه في التيمم . ولهذا كان قول العلماء : إن التيمم كالوضوء فهو طهور المسلم ما لم يجد الماء . وإن تيمم قبل الوقت وتيمم للنافلة فيصلي به الفريضة وغيرها ; كما هو قول ابن عباس . وهو مذهب كثير من العلماء : أبي حنيفة وغيره وهوأحد القولين عن أحمد . والقول الآخر – وهو التيمم لكل صلاة – هو المشهور من مذهب مالك والشافعي وأحمد . وهو قول لم يثبت عن غيره من الصحابة. انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :-
يجوز للمسلم إذا تيمم التيمم الشرعي أن يصلي بذلك ما شاء من فرض أو نفل ما دام عادما للماء أو عاجزا عن استعماله ما لم يحدث أو يجد الماء في أصح أقوال العلماء؛ لقول الله سبحانه ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النساء 43 . ولقول النبي ﷺ : (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره) وقوله ﷺ : (الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته) والأحاديث في ذلك كثيرة .