من فطرة الوالد أنه يحنو على ولده ،وإن كان الولد عاقا ،وقد يغير الوالد معاملة ولده لما يرى فيه من عقوق عسى أن ينصلح ،وشكوى ولد والده دون إخوته تدعو إلى أن ينظر الولد في نفسه ،فلماذا هو دون إخوانه يشكو إلا أن يكون الأمر منه ،فعليه أن يصلح ما بينه وبين والده ،فيصلح الله قلب والده تجاهه،ومن المعلوم أن الأب سريع الحنان على ولده
هذا إن كان الابن عاقا بوالده.
أما إن كان الابن ملتزما بشرع الله ،غير أن الأب قد لا يعجبه سلوك هذا الابن ،فليحسن صحبته ،وليصبر على ما ابتلي به ،فإن الله تعالى سيجعل له في ولده إن شاء الله خلفا صالحا،كما كان إبراهيم عليه السلام،مع أبيه،فعوضه الله تعالى ببر إسماعيل خيرا.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر:
أمر الله ـ تعالى ـ ببر الوالدين، والإحسان إليهما، وجعل ذلك عقب عبادة الله وحده لا شريك له، فقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا). وقال جل شأنه: (وقَضَى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا). فهذه الآيات فيها من أوامر الله ما يجب على كل مسلم طاعته، والامتثال له، وتطبيقه تطبيقًا عمليًّا في علاقته بوالديه، وكل من يجعل علاقته بهما على هذا المستوى الكريم الذي أمر الله به، فلن يجد منهما إلا الدعاء له، والخوف عليه، والرضا عنه، وذلك من كنوز الخير الذي يحفظ الإنسان في دينه ودنياه، ومن أسباب مغفرة الله للعبد الذي يحسن إلى والديه كما أمر الله، ففي الحديث الشريف “رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما، فلم يدخلاه الجنة.
فالوالدان طريق المحسنين إلى الجنة، ولن تكون العلاقة بين الابن وأبيه سيئة إلا بأسبابها، ولن يكون الأب قاسيًا على أحد أولاده إلا من فعاله، وسوء معاملته، وما يقترفه من ألفاظ لا يدرك مدى تأثيره السيئ في نفس أب كبر سنه، وأحس عقوق ولده بعد أن أفنى جهده وحياته في تربيته حتى صار رجلاً يملك أمر نفسه، وهذا الأب الذي تتحدث عنه ليست القسوة طبعًا ملازمًا له، بدليل أنه يعامل بقية الأبناء معاملة طيبة، أي أنه يجزي المحسن بإحسانه، ويجزي المسيء بإساءته، فعد إلى نفسك أيها الإبن يا من تظن أن أباك يسئ معاملتك، وحاسبها على ما تفعله مع والدك، وعالج النقص فيك قبل أن تشكو من أب لا يشكو منه غيرك، ولسنا في حاجة إلى نصيحة الأب، فإن الحنان الفطري عند الآباء يجعلهم يتحملون كثيرًا، ويتسامحون كثيرًا، وهذا ما ينتظر منه، ومن كل أب أن يرد الشارد بحسن المعاملة والعفو والمغفرة حتى يلتئم شمل الأسرة، ويسعد أفرادها بطاعة الله، وحسن مثوبته.انتهى.