يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
الاستفزاز : الاستخفاف , والإجلاب بالخيل والرجل : تمثيل لتسلط الشيطان على من يغويه كما رجحه الإمام الرازي , وذكره من قبله من المفسرين وجهًا , وأما المشاركة في الأموال والأولاد فجماهير المفسرين على أن المراد بها الإغواء بالحمل على كسب الحرام والتصرف والإنفاق في الحرام , وهذه الكلية التي ذكرها البيضاوي وغيره تشمل كل الجزئيات التي ذكرها بعضهم وزيادة ، كالإغواء بالحمل على التوصل إلى الولد بالسبب المحرم , والإشراك فيه كتسميته بعبد العزى , والحمل على العقائد الباطلة والأفعال القبيحة والحرف الذميمة .
هذا ما قالوه واعتمدوه , ويمكن اختصاره بأن يقال : إن المشاركة في الأولاد عبارة عن الإغواء في أمر اختيار المرأة والاتصال بها , وفي كيفية تربية الولد ؛ فمن يختار فاسدة الأخلاق والأعراق افتتانًا بجمالها أو يتصل إليها بالحرام , ويهمل هو وإياها تربية ولده العقلية والنفسية حتى ينشأ ضالاًّ فاسقًا فإنما يفعل ذلك بوسوسة الشيطان وإغوائه ومشاركته إياه في هذا الأمر العظيم وهو أمر الولد من أحدهما الوسوسة بالإغواء ومن الآخر اتباع الشهوة وسوء الاختيار ..فالآية مبينة لمجامع وساوس الشيطان وإغوائه , والأمر فيها للتكوين كقوله تعالى للشيء : كن ؛ أي تعلق إرادته بكونه ووجوده .
وحاصل المعنى أن الله خلق الشيطان وكوّنه على هذه الصفة وهي الوسوسة وتزيين القبيح الضار في هذه الأمور , وهي لا تبين حقيقة الشيطان , وهل هو داعية للشر في النفس تقوى وتضعف بحسب الاستعداد , أو هي داعية خارجية كما هو الظاهر، وما نقله الخازن وغيره غير صحيح ولا يعقل ألا يكون الشيطان من عالم الحس وله أعضاء كأعضاء الإنسان , وهو مخالف لنص القرآن .