على التائب رد الأموال المسروقة لأصحابها عند التوبة، ما داموا موجودين معروفين ، وإلا صرفت إلى ورثتهم ، ولا يكفي التصدق بها عنهم إلا عند العجز عن ردها ، كأن يكونوا غير موجودين أو غير معروفين ،وليس شرطا أن يخبرهم بحقيقة الأمر، بل يمكنه أن يردها لهم موهما إياهم أنه يهاديهم ، أو بغير ذلك من الصور التي يجدها ملائمة لحاله، فالمهم أن يصل نفعها إليهم.
فإذا لم يكن ممكنا الوصول إلى ورثة من سرق منه ، فحسبه أن يتخلص من هذه الأموال أو قيمتها في مصارف الفقراء والمساكين والمحاويج.
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر الشريف:-
من المعلوم أن الله ـ سبحانه ـ نَهانا عن أكل الحرام، وقرر الرسول ـ ﷺ ـ أن الله لا يقبل التصدُّق إلا بالمال الحلال؛ لأن الله طيِّب لا يقبل إلا طيِّبًا، وأن القليل من الحرام في بطن الإنسان أو على جسمه يمنع قبول الدعاء، ويؤدي في الآخرة إلى النار، والمال الحرام يجب التخلُّص منه عند التوبة، وذلك بردِّه إلى صاحبه أو إلى ورثته إن عُرفوا، وإلا وجب التصدق به تبرُّؤًا منه، لا تَبَرُّعًا للثواب.
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي :-
إن الحقوق المالية لابد أن ترد إلى أصحابها، حتى الشهادة في سبيل الله، لا تكفر هذا الحق للآدمي، إنه ليس أعظم من أن يستشهد الإنسان في سبيل الله، ومع هذا فإن النبي – ﷺ – حينما سأله سائل: يا رسول الله، إذا قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ قال: نعم . ثم استدعاه وقال له: ماذا قلت آنفًا ؟ قال: قلت كذا . . قال: ” إلا الدين . . أخبرني بذلك جبريل آنفًا “. (رواه مسلم).
الديون، والتبعات، لابد أن ترد إلى أصحابها.
فكونه يأكل أموال الناس عن طريق الرشوة أو الغصب، أو النهب، أو الغش، أو أي طريقة من الطرق المحرمة، ثم يقول: تبت إلى الله، أو يحج، أو يجاهد ويستشهد . . . لا . . . لابد من رد هذه الحقوق المالية، حيث لا تسامح من هذه الناحية، فإن كان عاجزًا، فليذهب إلى أصحاب الحقو ويسترضيهم، لعلهم يرضون عنه، فإن لم يرضوا، فإنه لابد أن ينوي بنفسه أنه كلما قدر على شيء دفعه إلى أصحاب الحق.
فإذا مات، ولم يكمل ما عليه من هذه الحقوق، تولى الله إرضاء خصومه يوم القيامة، والله عفو غفور.