من الأخطاء الشائعة عند عامة الناس أن يقوم الزوج بطرد الزوجة عند طلاقها، أو تقوم الزوجة (المطلقة) بترك بيتها بمجرد طلاقها لتعتد في بيت أبيها، وهذا حرام باتفاق العلماء، فالواجب على الزوجة متى كان الطلاق رجعيا أن تعتد في بيت الزوجية ولا يجوز لها أن تخرج منه أثناء العدة، كما يحرم على الزوج أن يطردها من بيت الزوجية، وهذا من حكمة الشارع حتى تكون الفرصة أكبر لجمع الشمل، لتعود الحياة إلى ما كانت عليه بعد أن تهدأ ثورة الزوجين.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور حسام بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
شرع الإسلام العدة في حالة الطلاق والوفاة لحكم كثيرة ومن حكمة مشروعية عدة الطلاق الرجعي أن تتاح فرصة للزوج لمراجعة مطلقته خلال مدة العدة وهذه الحكمة تكون أكثر تحققاً فيما لو بقيت الزوجة في بيت الزوج ولم تخرج منه كما جرت العادة في بلادنا أن الزوج إذا طلق زوجته فإنها تخرج من بيت الزوجية وتذهب إلى بيت أهلها وهذا الأمر ليس مشروعاً ولا يجوز للزوج أن يخرج زوجته من بيتها بطردها إلى بيت أبيها قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) سـورة الطـلاق الآية 1 .
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى :( لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ولا يجوز لها الخروج أيضاً لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة.تفسير القرطبي18/ 154
ثم قال القرطبي في تفسير قوله تعالى:( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّه) (أي هذه الأحكام التي بينها أحكام الله على العباد وقد منع التجاوز عنها فمن تجاوز فقد ظلم نفسه وأوردها مورد الهلاك .
(لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها وقال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرغبـة في الرجعة ] تفسـير القرطبي 18/56 .
وخلاصة الأمر أنه يحرم على الزوج أن يطرد مطلقته الرجعية من بيت الزوجية، كما يحرم عليها أن تخرج أيضاً لقضاء العدة في بيت أبيها، أو غيره وهذا باتفاق أهل العلم فيما أعلم ويستند العلماء في ذلك على النهي عن إخراجهن المذكور في الآية السابقة، والأصل في النهي أنه للتحريم انظر تفسير الجصاص 5/348.
لكل ما سبق فلا بد من إعادة النظر في العادة السيئة المنـتشرة في مجتمعنا ألا وهي ترك المرأة المطلقة رجعياً لبيت الزوجية وذهابها إلى بيت أهلها؛ لأن في فعلها هذا تعقيداً للمشكلة وقد يؤدي إلى إنهاء الحياة الزوجية .