أَجمَع العلماء على جواز الرقية عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه أو صفاته، وباللسان العربي أو بما يُعرف معناه من غيره، وأن يُعتقد أنَّ الرقية لا تؤثِّر بذاتها، بل بتقدير الله.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر –رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا رحمه الله:
الرقي جمع رُقْيَة، وهي كَلِمات يقولها الناس لدفْع شر أو رفْعه، أي يُحصِّنون بها أنفسهم حتى لا يُصيبهم مكروه، أو يُعالِجون بها مريضًا حتى يَبرأ من مرضه، وكان العرب قبل الإسلام يعتقدون أنها مؤثِّرة بنفسها دون تدخُّل لقدرة أخرى غيرها، واختيار كلماتها مبنى على اعتقادات قد يَرفضها الدين، ولذلك كان موقف الإسلام منها هو تصحيح الخطأ في الاعتقاد، وتقرير أنه لا تأثير لها إلا بإرادة الله تعالى، وكذلك رفض الكلمات التي تَتنافَى مع العقيدة الإسلامية الصحيحة. فإن كانت كلماتها مقبولة مع اعتقاد أنَّ أثَرَها هو بإرادة الله ـ سبحانه ـ كان مسموحًا بها، مَثَلُهَا مَثَلُ الدعاء أو الدواء، وبهذا يُمكِن أنْ نَفهم ما جاء من نصوص رافضة أو مُجيزة لها.
فمما وَرَد في رفْضها حديث البخاري ومسلم عن الذين يدخلون الجنة بغير حساب الذي جاء فيه “هم الذين لا يَكْتَوُون ولا يَسْتَرْقُون ولا يَتطيَّرون وعلى ربهم يَتوكَّلون” وفي رواية لمسلم زيادة “ولا يَرْقُون”. فالرَّاقي وطالبُ الرُّقْيَة مذمومان.
الرقى والتولة والتمائم:
الأحاديث الواردة بجواز الرقية الشرعية:
(ب) حديث الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أمَر النبي ـ ﷺ ـ أن نَسترْقِيَ من العيْن.
(جـ) حديث الصحيحين: كان رسول الله ـ ﷺ ـ إذا أوَى إلى فِراشه نَفَث في كَفَّيه بـ “قل هو الله أحد” والمعوِّذتين، ثم يَمسح بهما وجهه وما بلَغتْ يده من جسده.
(د) حديث الصحيحين: أنه ـ ﷺ ـ كان يُعوِّذ بعض أهله، يَمسح عليه بيده اليمنى ويقول: “اللهم ربَّ الناس أَذْهِبِ البأس، واشْفِ أنت الشافي لا شِفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يُغادِر سَقمًا.
(هـ) ما رَواه مسلم أن جبريل ـ عليه السلام ـ أتَى النبي ـ ﷺ ـ فقال: يا محمد أشْتكَيتَ؟ قال “نعم” فقال جبريل: باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ مِن كل داء يُؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يَشفيك، باسْمِ الله أَرْقِيك.
(و) ما رَواه مسلم أنه ـ ﷺ ـ قال: “مَن نَزَل مَنزلاً فقال: أَعُوذ بكلمات الله التامة من شر ما خَلَقَ، لم يَضره شيء حتى يَرتحل من مَنزله ذلك”.
(ز) ما رواه مسلم عن أنس أن النبي ـ ﷺ ـ رَخَّص في الرُّقْيَة من الحمَة والعيْن والنَّمِلة.
(ح) ما رَواه مسلم أن النبي ـ ﷺ ـ قال لعثمان بن أبي العاص لما اشتَكَى إليه وَجَعًا يَجِده في جسده منذ أسلم :”ضَعْ يدك على الذي تَألَّم من جسدك وقل: بسم الله “ثلاثًا” وقل سبع مرات: أعوذ بعِزة الله وقدرته من شر ما أَجِدُ وأُحاذِر”.
(ط) ما رَواه أبو داود أنه ـ ﷺ ـ أَذِن للشِّفَاء بنت عبد الله أن تَرْقِيَ من النمِلة بعد أن عَرَضت عليه، وقال “لا بأس بها”. النملة بكسر الميم: بُثُورٌ في الجنبين، والحمة ضرر ذوات السموم.
(ى) ما رواه ابن ماجه أنه ـ ﷺ ـ أذِن لعمارة بن حزم في الرُّقيَة من الحية بعد أن عرضت عليه، وقال “لا بأس بها.
قال النووي في شرح صحيح مسلم في الجمع بين الأحاديث الناهية عن الرُّقى والمُجيزة لها: إن المنهي عنه هو الرُّقية بكلام الكفار، والرُّقَى المجهولة والتي بغير العربية وما لا يُعرف معناها، فهي مذمومة لاحتمال أنَّ معناها كُفْر أو قريب منه أو مكروه، وأما الرقى بآيات القرآن والأذكار المعروفة فلا نهي عنها بل هي سُنَّة.
وقد رَوَى مسلم عن النبي ـ ﷺ ـ “اعرِضُوا علىَّ رُقَاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك”.