إذا استوفى الإنسان شروط الوظيفة المتقدم إليها، ولم يجد طريقا للحصول على الوظيفة إلا دفع الرشوة، بعد استيفاء كل المحاولات بعيدا عن الرشوة، فإن الإثم على آخذ الرشوة لا دافعها .
يقول سعود بن عبد الله الفيسان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً:
حرم الله الرشوة التي بسببها يمنع صاحب الحق من حقه، وسماها الله في محكم التنزيل سحتاً وباطلاً، فقال –تعالى- عن اليهود:”سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ” [المائدة: من الآية42]، وقال –تعالى-:”وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ” [البقرة:188]، ولعن رسول الله – ﷺ- دافع الرشوة والمدفوعة إليه والواسطة بينهما. انظر ما رواه الإمام أحمد (2399) من حديث ثوبان –رضي الله عنه- والمجتمع الذي تنتشر فيه الرشوة تعم فيه الفوضى والبطالة والمحسوبية، وتعدم أو تندر فيه الأمانة ويفشو فيه الكذب والخيانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وواجب ولي الأمر أن يمنع هذا المنكر، ويعاقب المتعاطين له، والمتعاملين فيه، ويقوم بتأمين فرص العمل، والعيش المربح لأفراد الرعية ، كل ولي أمر للمسلمين لا يفعل هذا فهو خائن للأمانة ورعيته التي استرعاه الله إياها وسيسأله الله عنها يوم القيامة.
وما دامت شروط الوظيفة متوفرة وحال المجتمع لو فاتت عليه فلن يسمح له النظام بالتقديم للوظيفة مرة أخرى، فإذا كان الأمر كذلك فيجوز بشرط أن يكون بذل السبب في طلب العمل داخل الوظيفة الحكومية وخارجها من الشركات والأعمال الخاصة ولم يجد، فلا شيء عليه إن شاء الله، ووجه ذلك أن الوظيفة حق عام لمن توفرت فيه شروطها وهو واحد منهم – والوظيفة المعينة التي تقدم لها لم تثبت لأحد بعينه فحرم منها بسببه ومن أجله، ولو كان هذا لكان الفعل حراماً لا يجوز بحال.
وروي عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه كان في الحبشة فرشا بدينارين حتى خُلي سبيله، وقال: إن الإثم عن القابض دون الدافع، وإذا كانت الرشوة المحرمة هي ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل فإن أعطي ليتوصل به الإنسان إلى حق أو ليدفع به عن نفسه ظلماً فلا بأس به.