الفقهاء مختلفون في خدمة المرأة زوجها في البيت ، والراجح أن هذا واجب عليها ، ولكن لا يجب على المرأة خدمة الضيوف ، وإن كان هذا الفعل من مكارم الأخلاق ، وحسن المعاشرة بين الزوجين، وقد كانت تفعله كثير من زوجات الصحابة ، في حضرة من النبي صلى الله عليه وسلم ،إلا إذا ترتب على ذلك ضرر أو فتنة، وفي كل الأحوال : لا يجب على المرأة خدمة ضيوف زوجها ، وخاصة إن كان عندها عذر كمرض ونحوه .

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

المشهور في المذاهب الأربعة أنـها لا توجب على كل زوجة مسلمة خدمة زوجها نفسه ،إلا إذا قامت بذلك متبرعة من باب مكارم الأخلاق ،وبعضها ـ كالمذهب الحنفي ـ يلزمها بهذه الخدمة ديانة لا قضاء .لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما .فجعل على فاطمة أعمال الداخل ،وعلى عليّ أعمال الخارج . وبعضها ـ كالمذهب المالكي ـ لا يلزم ذات القدر والشرف،إنما يلزم من سواها . قالوا :وليس يلزمها خدمة ضيوفه فيما يظهر .
ولو شكا زوج زوجته إلى المحكمة الشرعية الملتزمة ببعض هذه المذاهب لم تجبر المرأة على خدمة الزوج .

فإذا كان هذا مقررا في شأن الزوج فأولى ألا تلزم المرأة بخدمة ضيوف زوجها وتقديم القرى لهم وخاصة في حالة صحتها أو مرضها .
والمذهب الذي نطمئن إليه ونفتي به هو وجوب عمل المرأة في البيت خدمة لزوجها وأولادها ، وهذا من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها، ومن العدل في توزيع الحقوق والواجبات على الطرفين ” وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ ” البقرة .: 228

فالرجل يعمل ويكدح خارج البيت ليعول أسرته، والمرأة تعمل داخل البيت لخدمة الأسرة . ويكفي أن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء العالمين كانت تخدم بيتها كنسا وطحنا وعجنا .

وعلى كل حال، فإن المذاهب التي أوجبت على المرأة خدمة زوجها ـ أو على بعض النساء ـ ديانة أو قضاء ، لم توجب على المرأة خدمة ضيوف الزوج ، في حالة الصحة، فكيف يجب عليها في حالة المرض ؟

وإذا كانت المرأة تعمل في الخارج، كما يعمل الرجل، فالعدل أن يعاونـها الرجل بخادمة تساعدها أو بنفسه ما استطاع، ولا سيما إذا كانت أما لأطفال .
ومن هنا لا ينبغي للرجل أن يثقل على زوجته بالضيوف، وخصوصا في فترة مرضـها فقد اعتبر الشرع الإسلامي المرض ظرفا مخففا في أحوال كثيرة، فأعفى المريض من الجهاد إذا وجب “لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ”الفتح . 17 :
ورخص للمريض في رمضان أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها بعد رمضان عندما تواتيه العافية ” وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ” البقرة . 185:  

وأجاز للمريض أن يصلي كيف استطاع قائما أو قاعدا أو على جنبه . وطلب من الأئمة في صلاة الجماعة أن يخففوا فإن وراءهم الضعيف والمريض وذا الحاجة .

وينبغي للمسلم الشرقي عامة والعربي خاصة :أن يراعي ظروف زوجتـه الغربية عمومًا وأنها لم تتعود في حياتها ولا في بيت أبيها استقبال الضيوف بهذه الكثرة التي تعودها العرب وأمثالهم من الشعوب ، كما أن على المرأة الغربية التي دخلت الإسلام أن تقدر ظروف زوجها وما نشأ عليه ، وأن من أخلاق الإسلام أن يكرم الرجل ضيفه ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ” متفق عليه عن أبي هريرة .