بعض الأزواج بين وقت وآخر يقوم بالتهديد بالزواج من أخرى، ويقول سيتزوج على زوجته بثانية وغالبا لا يقصد إلا التهديد ولا يكون قصده الفعل.

في الحقيقة هذه حماقة من الرجل أن يظل يحدِّث امرأته بهذا وهو ربما لا ينوي وربما لا يقدر، حتى لو كان عنده الرغبة فهو لا يقدر، فما الداعي أن يؤذي امرأته ويؤذي مشاعرها بمثل هذه الأشياء التي فيها نوع من التحدي وبدون داع، فالمفروض على الزوج أن يحرص على شعور امرأته وعلى أحاسيسها، فقد تجلس وتحدِّث نفسها متى سيحدث هذا، فلماذا تعيِّشها في هذه الحالة من القلق والوساوس وهذه الآلام النفسية بدون حاجة.

فمن حق الزوجة على زوجها أن يحسن عشرتها والله تعالى يقول: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) حتى في حالة النفرة والكراهية يقول الله تعالى لك اضغط على عاطفتك فمن المعاشرة بالمعروف ألا يصدر منك أيها الزوج ما يسيء لزوجتك بذكر ذلك باستمرار.

كما لا يجوز للزوج أن يتغافل عنْ الغيرة التي طُبِعَتْ عليها النساء، وحُسْنَ العِشْرة واجبٌ عليه؛ كما قال الله تعالى ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، والآيةُ الكريمة تَشْمَلُ المعاشَرة القولية والفِعلية، وتوجب على الزوج أن يُصاحِبَ زوجتَه صُحبةً جميلةً، وأن يَكُفَّ أذاه عنها بالقول أو الفعل، وأن يبذلَ الإحسان إليها، ويُحسن معاملتها؛ فالإسلامُ العظيمُ يَنْظُر إلى البيت المسلم بِوَصْفِه سكنًا، وأمنًا، وسلامًا، وينظُر إلى العلاقة بين الزوجين بِوَصْفِها مودةً، ورحمةً، وأنسًا.

هذا، ونحن وإن كنا نُقَدِّر مَشاعر الزوجة وغيرتها على زوجها إلا أننا ننصحها بالاعتدال في الغيرة، وعدم الإفراط فيها؛ فالغيرةُ الزائدةُ قد تُوقع في بعض المحظورات، ولتستعين – في تحقيق ذلك – بتوثيق صلتها بالله عز وجل، والتوكُّل عليه، وتتذكَّر قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، وكذلك تحسن التبعل لزوجها، والقيام بما أوجب الله له مِن حقوقٍ.


أخيرًا نذكر الزوجة أن تصبر على ذِكْر زوجها لرغبته في الزواج، ولا تُظهر له غضبًا مِن ذلك ولا انزِعاجًا. والواجب على الزوجة المسلمة أن تتقبَّل فكرة الزوجة الثانية، وتُجاهِدَ نفسها في ذلك؛ فالعداءُ لهذا الأمر خطيرٌ؛ فالتعدُّد شرع الله، فنعيذك بالله أن ترفضي شيئًا مما شرعه الله أو تعترضي، فهذا شيءٌ عواقِبُه وخيمةٌ. فإن كان الزوج صادقا فذلك شرع الله ولا حرمة فيه، وإن كان الزوج يقصد التهديد فقط فلا تبالي الزوجة بكلام لا فائدة منه.