على سبيل المثال قد تشترط شركات تأجير السيارات أن لا تستخدم السيارة أكثر من مائة كيلو متر في اليوم، او مايشابه ذلك.
فلا بأس بهذا الشرط، فهو من الشروط التي لا تنافي مقصود العقد، بل فيها تعيين للمنفعة التي عقد عليها الإجارة، وهذا أبعد عن التنازع واللجج.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة:
وإن اكترى دابة ليركبها في مسافة معلومة، أو يحمل عليها فيها، فأراد العدول بها إلى ناحية أخرى مثلها في القدر أضر منها، أو تخالف ضررها، بأن تكون إحداهما أحسن والأخرى أخوف، لم يجز.
وإن كان مثلها في السهولة والحزونة والأمن، أو التي يعدل إليها أقل ضررا، فذكر القاضي أنه يجوز. وهو قول أصحاب الشافعي؛ لأن المسافة عينت ليستوفي بها المنفعة، ويعلم قدرها بها، فلم تتعين، كنوع المحمول والراكب.
ويقوى عندي أنه متى كان للمكري غرض في تلك الجهة المعينة، لم يجز العدول إلى غيرها، مثل من يكري جماله إلى مكة فيحج معها، فلا يجوز له أن يذهب بها إلى غيرها. ولو أكراها إلى بغداد، لكون أهله بها، أو ببلد العراق لم يجز الذهاب بها إلى مصر. ولو أكرى جماله جملة إلى بلد، لم يجز للمستأجر التفريق بينها، بالسفر ببعضها إلى جهة، وبباقيها إلى جهة أخرى وذلك لأنه عين المسافة لغرض في فواته ضرر، فلم يجز تفويته، كما في حق المكتري فإنه لو أراد حمله إلى غير المكان الذي اكترى إليه لم يجز، وكما لو عين طريقا سهلا أو آمنا، فأراد سلوك ما يخالفه في ذلك. انتهى.
وجاء في مجلة الأحكام العدلية من كتب الحنفية:
مخالفة المستأجر مأذونيته بالتجاوز إلى ما فوق المشروط توجب الضمان وأما مخالفته بالعدول إلى ما دون المشروط أو مثله لا توجبه، مثلا لو حمل المستأجر خمسين أقة حديد على دابة استكراها لأن يحملها خمسين أقة سمن وعطبت يضمن، وأما لو حملها حمولة مساوية للدهن في المضرة أو أخف وعطبت لا يضمن.
و من استحق منفعة معينة بعقد إجارة فله استيفاء مثلها أو ما دونها وليس له أن يتجاوز إلى ما فوقها: فعليه إذا خالف المستأجر مأذونيته بالتجاوز إلى ما فوق المشروط وجب عليه الضمان لكونه تعدى انظر المادة.
أما إذا خالفها بالعدول إلى مثل المشروط أو إلى ما دونه فلا يجب الضمان؛ لأنه لم يكن في ذلك متعديا. مثلا لو حمل المستأجر خمسين أقة حديد على دابة استكراها لأن يحملها خمسين أقة سمن وتلفت الدابة بتجاوزه إلى ما فوق المشروط ضمن جميع قيمتها. ولا تلزم الأجرة لأن الأجرة والضمان لا يجتمعان.