جاءت عدة قراءات في وصف السيول المتعاقبة في العديد من الدول وما خلفته من ويلات، هل كانت غضبا وانتقاما من الله أم كانت من الابتلاء الذي يصيب المؤمن فيكفر عنه سيئاته ويرفع درجاته.
وغلب على بعض القراءات الدينية لهذه الظاهرة الجانب المنطقي والفلسفي لترسم الحدود الفاصلة بين الانتقام والابتلاء، وقد تجلى هذا المشهد بكل تفاصيله في غير ظاهرة كونية، منها مثلا الزلزال الذي ضرب بعض البلاد، وسونامي وغيرها من الظواهر الكونية الكبيرة ، التي تدمر العمران وتحصد الأرواح وتهلك الحرث والنسل .
حكم تصنيف الظواهر الكونية بين الغضب والابتلاء :
الذي يظهر واضحا أن هذه التعمقات والتشقيقات كانت في غير موضعها تماما ، وأن الأمر أسهل من ذلك بكثير. ولنعد إلى أصل الموضوع، لماذا هذا الإصرار على تصنيف هذه الظواهر الكونية؟ ما الأحكام العملية التي ستترتب على هذا التصنيف؟ والجواب على هذا السؤال مهم جدا؛ إذ إنه تمهد في هذه الشريعة أن كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا. والإجابات المقنعة هنا، تتجلى في أنه سيترتب على هذا التصنيف الأمور الآتية:
1-أن تصنيف هذه الظواهر سيكون مقياساً على مدى رضا الله عز وجل عن العباد وأفعالهم، فإذا وصلنا إلى أن هذه الظواهر عقوبات ربانية سارع العبد إلى التوبة والإصلاح وعرف أنه مقصر في حق الله مستوجب للتوبة.
2- اطمئنان العبد على حاله مع الله، فإن وصل إلى أنها ابتلاءات لرفع الدرجات وتكفير السيئات وأنها ليست عقوبات وصل إلى حالة من الرضا عن النفس، أو خفف من جلدها ومحاسبتها عن التقصير والتفريط.
3-التفكير في تخفيف حدة محاسبة المقصرين احتجاجا بقدر الله ونفاذه!!!
أما النقطة الثالثة، فإن كان أحد يفكر فيها بالفعل فهذا يدل على أنه بعد لم يفهم معنى القضاء والقدر والإيمان بهما وما يترتب على ذلك.
حكم الاحتجاج بالقدر على الذنب :
يقول العلامة ابن القيم – رحمه الله-:”… الاحتجاج بالقدر على الذنب ينفع في موضع ويضر في موضع ، فينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه وترك معاودته كما فعل آدم، فيكون في ذكر القدر إذ ذاك من التوحيد ومعرفة أسماء الرب وصفاته وذكرها ما ينتفع به الذاكر والسامع لأنه لا يدفع بالقدر أمرا ولا نهيا ولا يبطل به شريعة بل يخبر بالحق المحض على وجه التوحيد والبراءة من الحول والقوة .
يوضحه أن آدم قال لموسى أتلومني على أن عملت عملا كان مكتوبا علي قبل أن أخلق، فإذا أذنب الرجل ذنبا ثم تاب منه توبة وزال أمره حتى كأن لم يكن فأنبه مؤنب عليه ولامه، فسن منه أن يحتج بالقدر بعد ذلك، ويقول :هذا أمر كان قد قدر على قبل أن أخلق فإنه لم يدفع بالقدر حقا ولا ذكره حجة له على باطل ،ولا محذور في الاحتجاج به.
وأما الموضع الذي يضر الاحتجاج به، ففي الحال والمستقبل بأن يرتكب فعلا محرما أو يترك واجبا فيلومه عليه لائم فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره فيبطل بالاحتجاج به حقا ويرتكب باطلا”. انتهى نقلا عن شفاء العليل.
وأما عن الإجابة الثانية ، فإنه ينبغي للمؤمن أن يرهف حسه وتقوى حساسيته الإيمانية حتى يرد كل شيء إلى تقصيره في حق الله ويشعر أن الله يعاقبه بأقدار تؤلمه وتؤذيه، فإنه إن فعل ذلك كان سريع اللجأ إلى ربه قريب الصلة به شديد المحاسبة لنفسه، على نحو ما أثر عن بعض السلف من قوله : “إني لأعرف شؤم معصيتي في خلق زوجتي ودابتي”وقول عبد الله بن عباس :” إن للحسنة نورا في القلب،وزينة في الوجه،وقوة في البدن،وسعة في الرزق،ومحبة في قلوب الخلق،وإن للسيئة ظلمة في القلب،وشينا في الوجه، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق،وبغضة في قلوب الخلق”.
وقول أنس بن مالك: ” إن الضب في جحره يموت هزلاً بذنب ابن آدم
وقول أبي هريرة :”إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم
وقول مجاهد :”إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر وتقول : هذا بشؤم معصية ابن آدم “
وكما حدث لمحمد بن سيرين، فمعروف من سيرته أنه ركبته الديون حتى أفلس، بل وسجن في بعض الديون عليه، فرد إفلاسه إلى المعصية فقال : “قلت لرجل : يا مفلس فأفلست .
وفي إحياء علوم الدين :”قال الدورقي وسمعت رجلا من أهل أصبهان يحدث عن عبد الرحمن بن مهدي قال كتب أخو محمد بن يوسف إلى محمد ابن يوسف يشكو إليه جور العمال فكتب إليه يا أخي بلغني كتابك تذكر ماأنتم فيه وإنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن ينكر العقوبة وما أرى ما أنتم فيه إلا شؤم الذنوب.
وقيل لمالك بن دينار:ادع لنا ربك فقال: إنكم تستبطئون المطر، وأنا أستبطىء الحجارة. يقصد أنهم بمعاصيهم أحرى بأن يرجموا بحجارة من سماء لا بقطر الماء!!!
وهذه ليست دعوة صوفية إلى ترك التفكير في الأسباب المادية المباشرة التي أدت إلى وقوع المشكلة ومن ثم العمل على إزالتها، ولكنها دعوة مع ذلك إلى التفكير في سبب تقدير الله لهذه المعوقات . فيعود إلى ربه بإصلاح ما أفسد، ويزيل المعوقات المادية أيضا بما أقدره الله من أسباب.
وأما عن الإجابة الأولى، وهي أن الحاجة ماسة للتصنيف لتكون مقياسا على مدى رضا الله عز وجل عن العباد وأفعالهم ، فإذا وصلنا إلى أن هذه الظواهر عقوبات ربانية سارع العبد إلى التوبة والإصلاح وعرف أنه مقصر في حق الله مستوجب للتوبة.
فإن هذا ليس هو منهج القرآن في فلسفة التوبة، فقد أمر الله عباده جميعا بالتوبة في كل وقت وعلى كل حال، قال تعالى: ” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور : 31]، بل قسم القرآن الناس قسمين تائبا وظالما، ولا ثالث بينهما ، قال الله تعالى : ” وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات : 11].
يقول العلامة ابن القيم:
ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه ونزل به، فالتوبة هي بداية العبد ونهايته وحاجته إليها في النهاية ضرورية كما أن حاجته إليها في البداية …..
وقال تعالى “وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات : 11]،قسم العباد إلى تائب وظالم وما ثم قسم ثالث ألبتة، وأوقع اسم الظالم على من لم يتب ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله.انتهى نقلا عن مدارج السالكين.
والخطأ في هذه القراءات أنها حاولت تصنيف هذه الظواهر الكونية، التي تهلك الحرث والنسل بحسب اعتبارات خاطئة في نظرنا كما نفهم دين الله تعالى ، فمرة تصنفها باعتبار العموم والخصوص ، فما كان منها عاما في الإهلاك كان غضبا وانتقاما وما كان منها خاصا كان اختبارا فيختلف باختلاف صاحبه، ومنهم من عكس هذه القاعدة ، ومنهم من جعلها غالبة لا مطردة.
وإنما كانت هذه الحيثيات خطأ في التصنيف لأن هذا الدين وأصوله ونصوصه يزخر بأن المصائب بكافة أنواعها ( ومنها الفيضانات والزلازل والبراكين) تصيب المسلم فتكفر خطاياه حتى لو كان عبدا مسيئا ، بل حتى لو كانت هذه المصائب نتيجة مباشرة لذنوبه وأخطائه.
المهم أن لا يقابلها بجزع وسخط، فالمصائب التي تصيب الإنسان وتؤلمه من الشدة، والفقر، والمرض، والتعثر، والتعب، والنصب، والوصب، والخسائر المادية، والأوجاع الحسية، والآلام النفسية كل هذه الآلام تكفر من خطاياه سواء منها ما كان متسببا فيها، أو لم يكن له فيها سبب، فمجرد هذه الآلام مكفرات في ذاتها فإذا استقبلها العبد بالصبر والاحتساب زاد أحره، وارتفعت درجاته، بل إن المصائب قد تكون جزاء ما أصاب العبد من الذنوب لكنها كذلك تكون من المكفرات في الدنيا، وهذا من لطف الله عز وجل بالمؤمنين حيث يعجل لهم جزاء سيئاتهم في الدنيا ليكفر عنهم من خطاياهم.
جاء في شرح العقيدة الطحاوية:-
من أسباب غفران الذنوب المصائب الدنيوية، قال رسول الله ﷺ: ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا غم ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر بها من خطاياه ) رواه مسلم.
وفي المسند أنه لما نزل قوله تعالى من يعمل سوءا يجز به قال أبو بكر يا رسول الله نزلت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا فقال يا أبا بكر الست تنصب ألست تحزن ألست يصيبك اللأواء فذلك ما تجزون به فالمصائب نفسها مكفرة، وبالصبر علها يثاب العبد ،وبالسخط يأثم، والصبر والسخط أمر آخر غير المصيبة فالمصيبة من فعل الله لا من فعل العبد، وهي جزاء من الله للعبد على ذنبه، ويكفر ذنبه بها.
وإنما يثاب المرء ويأثم على فعله، والصبر والسخط من فعله ،وإن كان الأجر قد يحصل بغير عمل من العبد بل هدية من الغير أو فضلا من الله من غير سبب قال تعالى ويؤت من لدنه أجرا عظيما فنفس المرض جزاء وكفارة لما تقدم وكثيرا ما يفهم من الأجر غفران الذنوب وليس ذلك مدلوله وإنما يكون من لازمه.انتهى نقلا عن شرح العقيدة الطحاوية.
فالعبرة هنا بكيفية استقبال المسلم لها- وإن كانت في ذاتها مكفرة له على أي حال متى خلا استقبالها عن الجزع والسخط- فمن استقبلها بالصبر والتوبة والأوبة إلى الله كان من المنتفعين بها وكانت في حقه منحة لا محنة، وقد وجدت هذا الأمر مطردا في جميع المصائب حتى ما علم منها يقينا أنها من سيف انتقامه سبحانه وتعالى ،
فقد ختم الله عز وجل آيات إهلاكه الأقوام الغابرة التي طغت وبغت وفجرت وكفرت بما يحرض على التوبة والأوبة، ففي إهلاك قوم فرعون يحدثنا القرآن فيقول: “وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء/64-68]
وعن قوم فرعون يقول القرآن : ” قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء/117-122].
وعن قوم عاد جاء قول الله تعالى : ” فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء/139، 140].
والسؤال أي رحمة هنا والحديث عن الإهلاك!!! وأرجى ما ذكره المفسرون هنا أن ذكر الرحمة لعدم التيئيس، وأنه سبحانه يقبل توبة من يقبل ويرجع عن غيه.
بل إن القرآن نفسه ، وهو أجل نعم الله على عباده، يكون خسارا ونقصانا على الكافرين ، وليس ذلك لسبب في القرآن ، ولكن بسبب استقبال الكافرين له من التكذيب والإعراض، يقول الله تعالى : ” وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء/82] ويقول تعالى :” قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ [فصلت/44].
وفي السنة ما يؤيد أن العبرة بالاستقبال، ففي صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ قال: ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
بل يحدثنا القرآن أن المصائب التي يصيب بها الكافرين لاتكون شرا على كل حال ، ولكنها أيضا تتوقف على كيفية استقبالهم لها، ففي القرآن : ” وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) [السجدة/21] يقول ابن عاشور في تفسير الآية :
“وَهَذَا إِنْذَارٌ بِمَا لَحِقَهُمْ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ وَهُوَ مَا مُحِنُوا بِهِ مِنَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ وَكَانُوا فِي أَمْنٍ مِنْهُمَا وَمَا يُصِيبُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ مِنَ الذُّلِّ. وَجُمْلَةُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِحِكْمَةِ إِذَاقَتِهِمُ الْعَذَابَ الْأَدْنَى فِي الدُّنْيَا بِأَنَّهُ لِرَجَاءِ رُجُوعِهِمْ، أَيْ رُجُوعِهِمْ عَنِ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ. وَالْمُرَادُ: رُجُوعُ مَنْ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ وَهُمُ الْأَحْيَاءُ مِنْهُمْ.”انتهى كلام ابن عاشور.
ومن هذا أيضا قول الله تعالى : “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام/42، 43] والآية صريحة الدلالة على أن الشدة التي يعاجل بها الكافرين، إنما يسلطها عليهم ليتضرعوا إلى الله ويعلنوا إليه إسلامهم وخضوعهم، والعبرة بالاستقبال فمن تضرع كانت المصيبة في حقه منحة، ومن قسا قلبه كانت في حقه محنة وأي محنة .
ويقول سبحانه عن بني إسرائيل حينما بغوا واستحقوا العقوبة، :”وقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ الأعراف/168] فالبلاء بالشر والخير لاستحثاثهم على الرجوع إليه سبحانه، والعبرة بنوع الاستقبال.
ومن الآيات الظاهرة في هذا المعنى، قوله تعالى: ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم/41] يقول الآلوسي:
{ ظَهَرَ الفساد فِى البر والبحر } كالجدب والموتان وكثرة الحرق والغرق واخفاق الصيادين والغاصة ومحق البركات من كل شيء وقلة المنافع في الجملة وكثرة المضار ومعنى قوله تعالى: { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } على الأول ظاهر وهو أن الله تعالى قد أفسد أسباب دنياهم ومحقها وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة لعلهم يرجعون عما هم عليه “.