جاءت هذه الآية في سورة الجن، حينما استمعوا إلى القرآن الكريم من النبي ﷺ فعادوا إلى قومهم يقولون: (إنا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به، ولن نشرك بربنا أحدًا) (الجن: 1، 2)
وكان من قولهم (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون، فمن أسلم فأولئك تحروا رشدًا . وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا ..). (الجن: 14، 15).
والقاسط: هو الجائر، الظالم، أي من عدل عن القسط، وانحرف عن العدل فالقاسط غير المقسط .
والمقسط: هو العادل.
والله تعالى يحب المقسطين: ولكنه يبغض القاسطين.
وكلمة مقسط من فعل أقسط وكلمة قاسط من فعل قسط.
فالهمزة جعلت بين الفعلين فرقًًا كبيرًًا في المعنى .. فرق تضاد ؛ فأقسط معناها عدل وقسط معناها: ظلم.
والمقصود بكلمة (قاسطون) هنا إذن: الظالمون الذين ظلموا أنفسهم فلم يؤمنوا بالله ولم يُسلموا، فأولئك كانوا لجهنم حطبًا . ولو أسلموا وآمنوا واتقوا ربهم واستقاموا على منهج الله، منهج الإسلام، ليسرنا لهم أمور حياتهم ومعيشتهم، وتنزلت عليهم بركات السماء والأرض . وذلك معنى قوله تعالى: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقًا).
وفي نفس المعنى يقول تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض). (الأعراف: 96).
فالاستقامة والتقوى سبيل الرزق والرغد وسبيل الخير كله في الدنيا وفي الآخرة (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 2، 3) .(ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم). (المائدة: 66).
فالاستقامة والإيمان، والوقوف عند منهج الله وحدوده سبب لكل خير في الدنيا والآخرة.