الأصل في الأشياء الإباحة ، و هذا الحكم ينسحب على العمولة ، و لكن بشرط خلوها من الأشياء التي تستوجب تحريمها.
ويفصل الشيخ الصادق الغرياني ـ أستاذ الشريعة بجامعات ليبيا ـ أمر العمولة فيقول :
“العمولة”:ما يأخذ العامل، أو مكتب الخدمات على خدمة مشروعة، كأن يبيع عقارًا، أو يُقَدِّم خدمة بنقل أوراق أو مستندات، ويقوم بالمراجعة عليها في الدوائر حتى تأخذ إجراءاتها المُعتَادة، أو يقوم المكتب الهندسي بتخطيط أرض وتقسيمها، فيأخذ على عمله قيمة مالية محدَّدة، أو نسبة في المائة من قيمة المشروع.
والعمولة على هذا الوجه جائزة ؛ لأنها أجرة معلومة على عمل معلوم، لكن بشرط أن تَسلَم من الأمور الآتية:
1ـ ألا يكون العمل الذي قام به صاحب العمولة من الأعمال الواجبة عليه، الداخل ضمن وظيفته، يتقاضَى عليه مرتبًا شهريًّا، مثل الحُصول على مُستَنَد مِلْكِيَّة على عقار من الموظف المُخْتَص، أو الحجز في سِلْعة من قِبَل الموظَّف المُخَوَّل بالحجز، في شركة أو مُؤَسَّسة، فهؤلاء وأمثالهم، لا يَحِقُّ لهم أخذ مُقابل على أعمالهم، إذا لا يجوز للإنسان أن يأخذ مالًا فيما وجب عليه . وما يأخذونه من العمولات من المواطنين هو من قبيل الرشوة والسُّحت، وأكل المال بالباطل.
2ـ أن يكون العمل الذي قدَّمه صاحب العُمولة خدمة مشروعة، خالِيَة من التزوير والكذِب، ليس فيها استيلاء على شيء من حقوق الآخرين.
3ـ أن يكون العمل الذي قدَّمه صاحب العُمولة خدمة تتطلَّب جهدًا، وليس مجرد أنه استعمل جاهه، كأنه كلم فلانًا فقُضِيَت المصلحة، فهذا لا يحق له أخذ أجرة؛ لأن الأجرة على الجاه ممنوعة.
وقد تَساهَل الناس اليومَ فصاروا يُسَمُّون كل مال يدفعونه مُقابِل خدمة عمولة، سواءٌ كان مدفوعًا بوجه مشروع أو غير مشروع، فلا يُفَرِّقون بين العمولة الجائزة، وبين الأجرة على الجاه الممنوعة، بل صاروا يُسَمُّون الرشوة الصريحة عمولة.