الشركة كما يقول الأحناف: عقد بين المتشاركين في رأس المال والربح، والمشاركة في الخير مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى في الميراث( فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) (سورة النساء:12)، وقال ـ ﷺ ـ (أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فإنْ خان أحدُهما صاحبَه خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا) رواه أبو داود، وذكر ابن المنذر أن العلماء أجمعوا على مشروعيتها.
ما هي أنواع الشركات في الفقه الإسلامي
قسَّم العلماء الشركة إلى قِسمين أساسيين:
أحدهما: شركة أملاك وهي التي لا يكون فيها عقد، كالمال المَوْهوب لأكثرَ مِن شخص فيَقْبَلَانِه، وكالمال المَوروث لأكْثر من شخص، والحُكم فيها أنه لا يَجوز لأي شريك التصرف في نصيب الآخر إلا بإذنه.
والقسم الثاني شركة عقود، وهي أنواع:
أ ـ شركة العنان، أن يشترك اثنان في مال لهما على أن يَتْجَرَا فيه والربح بينهما، ولا يُشترط فيها المساواة في رأس المال ولا في التصرُّف ولا في الرِّبح، فذلك بِحَسب الاتفاق وعند الخَسارة يَتحمَّلانِها بنسبة رأس المال.
ب ـ شركة المفاوضة أن يتعاقد اثنان أو أكثر على الاشتراك في عمل بشرط التساوي في المال والتصرف والدِّين وأن يكون كل واحد كفيلًا عن الآخر فيما يَجب عليه من شراء وبيع كما أنه وكيل عنه. وقد أجازها الحنفية والمالكية ولم يُجِزْها الشافعي لعُسْر المُساواة فيها بسبب الغَرَر والجَهالة، ولم يَصحَّ في إجازتها حديث، وصورتها عند المالكية أن يُفوِّض كل شريك إلى الآخر التصرفَ مع حُضوره وغَيْبَتِه وتكون يدُه كَيَدِهِ، ولا يكون شريكه إلا فيما يعْقدان الشركة عليه، ولا يُشترط فيها المساواة في المال.
ج ـ شركة الوجوه، أن يَشترك اثنان فأكثر من الناس دون أن يَكون لهم رأس مال وذلك اعتمادًا على جَاهِهم وثِقَةِ التُّجَّار بهم، على أن تكون الشركة بينهم في الرِّبح، فهي شركة على الذِّمَم من غير صَنْعة ولا مال، وأجازها الأحناف والحنابلة، وأبطلها الشافعية والمالكية لعدم المال والعمل.
د ـ شركة الأبدان، أن يتفق اثنان على أن يتقبَّلا عملًا من الأعمال، على أن تكون الأجرة بيْنهما حسب الاتفاق، كالنجارين والحدادين والحمالين وغيرهم من الحرفيين وهي جائزة عند الجمهور، وأبْطلها الشافعي، لأن الشركة عنده تختص بالأموال لا بالأعمال.
ما هي الشركة في الشريعة
إن هذه الشركات بتلك الأسماء لا يَعرفها تمام المعرفة إلا المتخصصون في علم الشريعة؛ لأن هذه الأسماء حادثة بالاصطلاح ليست شرعية ولا لُغَوية، كما يقول صاحب كتاب “الروضة الندية”؛ ولذلك هو يرى صحة هذه الشركة بأي اصطلاح يكون ما دام لا يوجد فيها شرط فاسد أو عمل مُحرَّم، ورَضِيَ الشُّركاء بها، هذا وقد ذكر ابن قدامه في كتابه المغني بعض شركات جائزة منها أن يدفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها وما يرزقه الله منها فهو بينهما حسب الاتفاق، والشافعي
وأصحاب الرأي لا يُجيزون ذلك وجعلوا الرِّبح كلَّه لصاحب الدابة، وللعامل أجرة المثل؛ لأن هذه الصورة ليست من صور الشركات وليست مضاربة؛ لأنها لا تكون في العروض بل بالتجارة فيها، وهذه لا يجوز بيعها ولا إخراجها عن مِلْك صاحبها، أما الحنابلة فيُجَوِّزون ذلك؛ لأنها عَيْنٌ تُنَمَّي بالعمل عليها، ولو دفع شبكة إلى الصياد ليَصيد بها السمك على أن يكون لكلٍّ منهما النصف يَصح عند أحمد ولا يَصح عند الآخرين، فالصيد كله للصياد ولصاحب الشبكة أجر المِثْل.
ويقول ابن القيم في “إعلام الموقعين”: لو دفع الشخص بَقَرَهُ، أو غَنَمه أو إبِلَهُ إلى آخر يَرعاها والدَّرُّ والنَّسْل بينهما جاز، وكذلك لو دفع إليه دابته يعمل عليها والأجرة بينهما جاز، ولا يوجد كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس يُحَرم ذلك.