هل يوجد تعارض بين استعمال الأدوية الحسية والرقية:
وقد جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين ” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 465 ، 466 ) ما يلي :ـ
” لا شك أن الإنسان يصاب بالأمراض النفسية : بالهم للمستقبل، والحزن على الماضي ، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الحسية البدنية ، ودواء هذه الأمراض بالأمور الشرعية – أي : الرقية – أنجح من علاجها بالأدوية الحسية كما هو معروف .
ومن أدويتها : الحديث الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه : ” أنه ما من مؤمن يصيبه همٌّ أو غمٌّ أو حزن فيقول : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمَتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي : إلا فرَّج الله عنه ” ، فهذا من الأدوية الشرعية .
وكذلك أيضاً أن يقول الإنسان ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
ومن أراد مزيداً من ذلك : فليرجع إلى ما كتبه العلماء في باب الأذكار كـ ” الوابل الصيِّب ” لابن القيم ، و ” الكلِم الطيب ” لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و ” الأذكار ” للنووي ، و ” زاد المعاد ” لابن القيم .
أهمية الإيمان والثقة بالله في العلاج بالرقية الشرعية:
ولا تخفى علينا جميعاً قصة الرجل الذي بعثه النبي ﷺ في سريَّة فنـزل على قوم من العرب ، ولكن هؤلاء القوم الذين نزلوا بهم لم يضيفوهم ، فشاء الله – عز وجل – أن لُدغ سيدهم لدغة حية ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا إلى هؤلاء القوم الذين نزلوا لعلكم تجدون عندهم راقياً ، فقال الصحابة لهم : لا نرقي على سيدكم إلا إذا أعطيتمونا كذا وكذا من الغنم ، فقالوا : لا بأس ، فذهب أحد الصحابة يقرأ على هذا الذي لُدغ ، فقرأ سورة الفاتحة فقط ، فقام هذا اللديغ كأنما نشط عن عقال .
وهكذا أثَّرت قراءة الفاتحة على هذا الرجل؛ لأنها صدرت من قلب مملوء إيماناً ، فقال النبي ﷺ بعد أن رجعوا إليه : ” وما يدريك أنها رقية ؟ .
لكن في زماننا هذا ضعف الدين والإيمان ، وصار الناس يعتمدون على الأمور الحسية الظاهرة ، وابتلوا فيها في الواقع .