تقوم في بعض المنتديات لعبة العرس، وهي : أن يتقدم أحد الأعضاء لخطبة إحدى الفتيات في ذلك المنتدى، وتبدأ باشتراط المهر وما تريد من الشروط فيوافق الرجل، فيقال تم تزويج فلانة لفلان، وكل ذلك على سبيل المزاح والضحك.
ولو صح حديث رسول الله ﷺ الله عليه وسلم الذي قال فيه ” ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة ” لوجب القول بأن نكاح الهازل يقع ، وكذلك طلاقه، وقد قال بهذا فعلا جمهور العلماء.
ولكن الحديث فيه خلاف وكلام كثير في ثبوته ومقتضاه، ولذلك ذهب من ذهب إلى عدم القول بمقتضاه.
فالحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، كلهم من طريق عبد الرحمن بن حبيب ابن أردك عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن ماهك عن أبي هريرة، و عبد الرحمن بن حبيب ابن أردك هذا، وثقه ابن حبان، وقال عنه النسائي منكر الحديث، ووثقه الحاكم.
وعلى ذلك فلا يجوز إدخال النكاح والطلاق في مسائل الهزل والمزاح والتمثيل مخافة أن ينعقد نكاح المازحين وهم لا يشعرون، ولأن الله سمى النكاح ميثاقا غليظا، والميثاق الغليظ لا يلعب به في المنتديات.
جاء في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق – رحمه الله-:-
“يرى جمهور الفقهاء أن طلاق الهازل يقع ، كما أن نكاحه يصح ، لما رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي وحسنه ، والحاكم وصححه ، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال : ” ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة ” . وهذا الحديث وإن كان في إسناده عبد الله بن حبيب ، وهو مختلف فيه ، فإنه قد تقوى بأحاديث أخرى .
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاق الهازل . وهو قول في مذهب أحمد ومالك ، إذ أن هؤلاء يشترطون لوقوع الطلاق الرضا بالنطق اللساني ، والعلم بمعناه ، وإرادة مقتضاه ، فإذا انتفت النية والقصد ، اعتبر اليمين لغوا ، لقول الله تعالى : ” وإن عزموا الطلاق ، فإن الله سميع عليم ( 2 ) ” . وإنما العزم ما عزم العازم على فعله ، ويقتضي ذلك إرادة جازمة بفعل المعزوم عليه ، أو تركه ويقول الرسول ﷺ : ” إنما الاعمال بالنيات ” . والطلاق عمل مفتقر إلى النية ، والهازل لا عزم له ولانية .” انتهى.
ويقول الدكتور محمود عكام من علماء سوريا:-
قد لا يكون الزواج التمثيلي زواجاً حقيقياً لأنه ظاهر من غير باطن , وفعل من غير نية , وقول لا يستند إلى إرادة جادة صادقة , لكننا نميل إلى عدم فعله ولو تمثيلاً وذلك من باب درء الشبهات ودفع الاحتمالات السلبية , ولا سيما أن التصريح بألفاظ عقد الزواج في التمثيل لا يخدم الفكرة أو بمعنى آخر ليس له من أثر إيجابي على توضيح المعنى المطروح والمقدّم , فالأمور بآثارها والقضايا بنتائجها ، وصدق رسول الله القائل : ” دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ” والقائل : ” من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى ” .