قبل ظهور الطب النفسي كانت أي تغيرات نفسية تظهر على الإنسان تأول أنها بسبب السحر أو مس الجان، ولم يكن هناك خيار آخر، ولكن بعد أن أصبح الطب النفسي علما يدرس في الجامعات وله أساتذة متخصصون يتعاملون مع المريض على أسس علمية فمن الخطأ أن نتأول لأول وهلة أي تغيرات نفسية أنها بسبب السحر، لأن الأمر له خطره.
كيف نفرق بين أعراض السحر والحسد والمرض النفسي
لا يعقل أن نفسر الاكتئاب بأنه حسد أو نتعامل مع مريض الصرع أو مريض الفصام أو الهوس على أنه ممسوس، أو نفسر البرود الجنسي ونفور أحد الزوجين بأنه ربط!
ولكن لا بد أن نتعامل مع هذه الأعراض وغيرها على أنها أعراض مرضية قد تزول بتعاطي العقاقير، أو بمتابعة الجلسات العلاجية مع الطبيب النفسي، أما التغافل عن ذلك، والتعامل مع هذه الأعراض وغيرها على أنها سحر أو حسد فهذا قد يطيل أمد المرض ويزيد الأمور تعقيدا ويصعب معها العلاج، ولذلك فلا بد أولا من معاودة الطبيب النفسي عند الشعور بأي تغيرات نفسية أو ظهورها، والسعي في الأخذ بأسباب الشفاء.
فإذا ثبت يقينا أن المريض لا توجد لديه أعراض مرضية ففي هذه الحالة يمكن القول بوجود سحر أو مس ويتم التعامل مع المريض في هذه الحالة وفق الهدي النبوي الذي علمنا إياه رسول الله ﷺ ، والأمر لا يتعدى أكثر من تلاوة القرآن والمأثور من الذكر، أما التمتمة بكلمات غير مفهومة أو ضرب المريض ضربا مبرحا فهذا ليس له أصل في سنة نبينا – ﷺ -.
وقد رأينا بعض الأطباء النفسيين لهم تجربة رائدة في هذا الأمر فيذهب إليهم المريض فينظر في أمره ويعرض حالته على القواعد العلمية فإذا ثبت لديهم أن المريض ليس به شيء أخذوا في علاجه بالقرآن ومن أفضل التجارب فيما نعلم تجربة الشيخ الطبيب محمد إسماعيل المقدم –من علماء مصر- وهو من المختصين في الطب النفسي وعالم بارز في العلوم الشرعية.
الذي نريد أن نؤكد عليه أنه لا فرق بين مريض بمرض نفسي وآخر مريض بمرض عضوي، فكلاهما مأمور بأن يأخذ بأسباب الشفاء، قال –ﷺ- ” تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم” رواه أصحاب السنن الأربعة وأحمد في المسند وابن حبان في صحيحه.
ولا شك أن الإنسان عرضة للمرض النفسي كما هو عرضة للمرض العضوي والذي نأباه ونرفضه هو الهروب من مواجهة المشكلات وتعليق الأمر على شماعة السحر والحسد، فنحن لا ننكر وجود السحر والحسد ولكن قبل أن نلقي بالتبعات على هذه الأمور الغيبية علينا أن نفتش في الأسباب المادية، وهذا لا يتعارض مع العلاج الروحي فتلاوة القرآن والمداومة على الذكر أمر رغب فيه الشارع على كل الأحوال.
هل كل حالة عند الإنسان تكون حسد أو سحر
يقول الدكتور إيهاب خليفة –أخصائي الطب النفسي:
أيسر الحلول أن يلقي الإنسان بتبعاته ومشكلاته على النواحي الغيبية كالسحر والأعمال وغير ذلك حتى يعفي نفسه من المسئولية، والقرآن الكريم علاج نفسي فعال ولا يتعارض مع طلب العلاج النفسي والدوائي، ورسولنا الكريم ﷺ يقول: “تداووا عباد الله فإن الله قد جعل لكل داء دواء”.
والقرآن الكريم علاج نفسي من حيث إنه كتاب يخاطب العقل والعاطفة فيؤثر فيهما، ويغير من نظرة الإنسان للكثير من الأشياء في هذه الحياة، ويعلمه كيف يستعين بالقوة العظمى في هذا الكون في مواجهة المشكلات والعقبات ألا وهي (قوة الله سبحانه وتعالى)، هذا بالإضافة إلى التأثير الروحي العجيب الذي ليس له تفسير علمي سوى أنه تنزيل من خالق هذه النفس وبارئها، وكل هذه العوامل تؤدي إلى تقوية إرادة الإنسان أيما تقوية، وهذا هو الركن الأساسي في العلاج النفسي.. هذه هي وجهة نظرنا للقرآن الكريم كعلاج نفسي.