قبل الحديث عن حكم التداوي بين الرجل والمرأة لا بد أن نتحدث عن مسألتين لهما اتصال بالحكم الفقهي:
المسألة الأولى: عورة الرجل والمرأة.
المسألة الثانية: الكشف والتكشف على هذه العورة من قبل الرجل أو المرأة.
أما عورة الرجل فهي ما بين السرة للركبة عند بعض الفقهاء، أو القبل والدبر عند البعض الآخر.
وعورة المرأة هي جميع الجسد عدا الوجه والكفين والقدمين على الرأي الراجح لدي جمهور الفقهاء .
المسألة الثانية: وهي الكشف والتكشف فلا يجوز للرجل أن يرى عورة المرأة، ولا للمرأة أن ترى عورة الرجل إلا في حالات الضرورة، أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة.
وبناء على ما سبق رتب الفقهاء من يجوز أن يرى عورة المرأة عند التداوي كالتالي:
المرأة المسلمة .
المرأة غير المسلمة.
الرجل المسلم .
الرجل غير المسلم.
ونستطيع أن نرتب أيضا من يجوز للرجل أن يكشف عورته أمامهم بقصد التداوي وطلب العلاج كالتالي:
الرجل المسلم.
الرجل غير مسلم.
المرأة المسلمة.
المرأة غير المسلمة.
وعلى الرجل والمرأة مراعاة هذا التدرج والأولويات عند إرادة التداوي.
فإن اضطر الرجل للعلاج عند المرأة، أو اضطرت المرأة للعلاج عند الرجل، فلا إثم عليهما لقول الله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة : 173، وللقاعدة الفقهية (الضرورات تبيح المحظورات).
وعليهما ـ أي الرجل والمرأة- الالتزام بالضوابط التالية:
أولا:على المرأة أو الرجل ألا يتساهلا في البحث عن طبيب مسلم من جنسه أولا، ولا يلجأ إلى الجنس الآخر إلا في حالة عدم وجود طبيب من جنسه.
ثانيا:بعض الأمراض البسيطة يستوي فيها الطبيب الحاذق الماهر وغيره، فلا داعي للمخالفة بغير مسوغ.
ثالثا:النظر إلى العورات في الأصل محرم، وإنما أبيح للحاجة أو الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها ولا يجوز التوسع فيها، وعلى الطبيب أو الطبيبة ألا يكشف إلا الجزء الضروري للتشخيص، وإن أمكن التشخيص بدون النظر كان أولى، وإن كانت الأجهزة الحديثة تقوم مقام الرؤية البصرية ، وهذه الأجهزة متاحة قدمت على اللمس والنظر باليد والعين.
رابعا: الحرص على ألا تكون هناك خلوة بين الرجل والمرأة ، فالخلوة محرمة على أية حال، ويمكن للرجل الاستعانة بممرضة عند علاج المرأة: كما يمكن للمرأة أن تستعين برجل عند الكشف على الرجل حتى تنتفي الخلوة ن ويستعان بالرجل أو المرأة عند كشف العورة، من كلا الجنسين.
تطبيب الرجال للنساء:
إذا راعينا الضوابط السابقة لا نرى مانعا في عصرنا الحالي الذي لا تكفي فيه النساء لعلاج كل النساء في كل الحالات من امتهان الرجل المسلم لهذه المهنة ، وخاصة أن الواقع يؤكد أن غير المسلمين يمتهنونها، كما يمتهنها الصالح والطالح، وبالتالي عمل المسلم المنضبط بضوابط الشرع يكون أخف ضررا ، وأقل خطرا من غيره.
وعلى النساء أن يتخصصن في طب النساء، وعلى أولي الأمر حثهن على ذلك، وتدريبهن حتى تحدث بهن الكفاية، ولا تضطر النساء لكشف العورات أمام الرجال.
وحتى يحدث هذا ـ وهو بلا شك يحتاج لوقت طويل ـ يجوز للرجل أو المرأة علاج الجنس الآخر بالضوابط السابقة.