الصومُ عبادة رُوحية ترقَى بالإنسانِ إلى مستَوى الملأ الأعلى، حيث يَمتَنِع عن الطعام والشراب والشهوة منطلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فالصيام مطلوب على وجه العموم بحيث يجعل المسلم من أيام دهره أوقاتًا للصيام يتجرد فيها من المادة، ويُقَوِّي عزيمته، وتصفو نفسه وتتألق روحه.
أما الصيام في شهر رجب بعينه فقد قال الإمام النووي: لم يثبت في صومه نهي ولا ندب لعينه، ولكن أصل الصوم مندوب إليه، وفي سنن أبي داود أن رسول الله ـ ﷺ ـ ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها.
أما شهر شعبان فقد صح في صيامه أحاديث، منها ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: كان رسول الله ـ ﷺ ـ يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، ومارأيت رسول الله ـ ﷺ ـ استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيتُه في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان.
ومعنى الحديث أن الرسول الكريم لم يصم شهرًا كاملاً إلا رمضان، وكان يصوم في شعبان كثيرًا حتى قالت عائشة في بعض الروايات: “كان يَصُوم شعبانَ كله، كان يَصُوم شعبانَ إلا قليلًا.
وما عدا هذين الشهرين كان رسول الله ـ ﷺ ـ أحيانًا يصوم حتى يظن الناس أنه لا يفطر، وأحيانا يفطر أياما متوالية حتى يظن الناس أنه لا يصوم.
ولهذا قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ في صحيح الحديث: “خذوا من الأعمال ما تُطِيقون؛ فإن الله لن يَمَلَّ حتى تَمَلوا، وكان يقول: أَحَبُّ العملِ إلى الله ما دام عليه صاحبُه وإن قلَّ”.