إن ما ورد أن أبا بكر الصديق –رضي الله عنه- دخل على عائشة –رضي الله عنها- وهي تشتكي، ويهودية ترقيها، فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله. قول سيدنا أبي بكر – رضي الله عنه – لليهودية (ارقيها بكتاب الله) يتلخص في النقاط التالية:
– هذا الأثر رواه الإمام مالك في الموطأ(1756) بسند صحيح، ومعنى قول سيدنا أبي بكر – رضي الله عنه – “ارقيها بكتاب الله” الظاهر أنه يعني التوراة، فهي كتاب ديانتها، وقيل يريد ارقيها بما يوافق كتاب الله، بأن يكون خالياً من الشرك.
– ليس في طلب الرقية من الكافر تزكية لباطنه، ولا رضى بما هو عليه من دين منسوخ، ذلك أن حقيقة الرقية تعويذ يكون سبباً في رفع مرض أو وقاية من شر، فهو نوع من الاستشفاء، والتداوي، إذا أصاب موقع المرض حصلت الفائدة بأمر الله، يدل على هذا قول النبي – ﷺ – : “لكل داء دواءٌ فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله – عز وجل –” رواه مسلم (2204) من حديث جابر – رضي الله عنه – ، فالشفاء من الله لا من الدواء ولا من الطبيب والراقي، قال – عز وجل -: “وإذا مرضت فهو يشفين [الشعراء: 80].
– صلاح الراقي له بأمر الله أثر في فائدة الرقية، لكن ليس هناك ارتباط لازم بين عقيدة الراقي أو المرقي وبين استفادته من الرقية، وعليه فتصح الرقية إذا لم تكن شركاً من التقي والفاجر، ومن المسلم والكافر، والشفاء بيد الله، يدل على هذا أن الرقى كانت معروفة قبل الإسلام في عهد أبي الأنبياء والرسل خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وكذلك عند اليهود والنصارى، فحينما أراد الرسول – ﷺ أن يرقي الحسن والحسين – رضي الله عنهما – قال: “إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة” رواه البخاري (3371.
– كان العرب في جاهليتهم يستشفون عن طريق الرقية، بل كان فيهم من يعرف بذلك، ففي صحيح مسلم (868) في قصة إسلام ضماد: “أن ضماداً قدم مكة، وكان من أزدشنوءة، وكان يرقي من هذه الريح”.
في كلام النبي – ﷺ ما يدل على إقرارهم على ما كانوا يرقون به في الجاهلية ما لم يكن شركاً، روى الإمام مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك الأشجعي – رضي الله عنه – قال: “كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك”، فدل على أن الرقية إذا خلت من الشرك، وما هو من بابه من الشعوذات والكلام البدعى فهي مباحة، وقد ينفع الله بها، وإن لم تكن من مسلم.