لا نعلم لهذا أصلا ، والأظهر أن يخشع المأموم ويطمئن ولا يأخذ مصحفا ، بل يضع يمينه على شماله كما هي السنة ، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ والساعد ويضعهما على صدره ، هذا هو الأرجح والأفضل.

وأخذ المصحف يشغله عن هذه السنن ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات وعن سماع الإمام ، فالذي نرى أن ترك ذلك هو السنة ، وأن يستمع وينصت ولا يستعمل المصحف .

فإن كان عنده علم فتح على إمامه وإلا فتح غيره من الناس ، ثم لو قدر أن الإمام غلط ولم يفتح عليه ما ضر ذلك في غير الفاتحة ، إنما يضر في الفاتحة خاصة ؛ لأن الفاتحة ركن لا بد منها ، أما لو ترك بعض الآيات من غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه. ولو كان واحد يحمل المصحف على الإمام عند الحاجة ، فلعل هذا لا بأس به ، أما أن كل واحد يأخذ مصحفا فهذا خلاف السنة.

حكم حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح

يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله –:

لا ينبغي حمل المأموم للمصحف، بل لو قيل بكراهيته لكان له وجه؛ لأن ذلك يؤدي إلى حركة لا حاجة إليها، فالإنسان يتحرك لفتح المصحف، وإغلاقه، وحمله، وتفوته سنة وضع اليدين على الصدر، ويكون منه حركة بصرية كثيرة؛ لأن عينيه تجول في الصفحات؛ ولهذا ذهب بعض العلماء إلى بطلان صلاة الإنسان إذا قرأ من المصحف، والصحيح أن الصلاة لا تبطل، لكن لا شك أن متابعة الإمام في المصحف إذا لم يكن هناك حاجة مكروه، أما لو كان الإمام محتاجاً إلى من يتابعه لكونه ضعيف الحفظ فطلب من أحد المصلين أن يتابعه ليقرأ عليه إن أخطأ فإن ذلك لا بأس به”.

ما هي محاذير حمل المأموم المصحف في الصلاة

يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:

حمل المصحف والإمام يقرأ ينافي الخشوع، وفيه عدة محاذير:

1- أنه يحول بين المصلي وبين رؤية محل سجوده، والمشروع للمصلي أن ينظر إلى محل سجوده عند أكثر العلماء.

2 – أنه يحول بين المصلي وبين اتباع السنة في وضع اليدين؛ لأن المشروع للمصلي في حال القيام قبل الركوع وبعد الركوع أن تكون يده اليمنى على اليسرى.

3 – أن فيه حركة لا داعي لها، والحركة في الصلاة مكروهة؛ لأنها عبث، والمأموم يقلب المصحف ويضعه فتكون حركته كثير ة.

4 – أنه يشغل بصره بحركات كثيرة؛ فهو ينظر إلى الآيات، وإلى كل كلمة، وكل حرف، وكل سطر، وكل صفحة، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن المصلي إذا قرأ في المصحف بطلت صلاته، وعللوا بذلك بكثرة الحركات، وهذا المتابع لا شك أن حركات عينيه تكثر كثرة عظيمة.

5 – أنني أشعر أن الذي يتابع الإمام سوف يذهب عن قلبه أنه في صلاة، يعني ينشغل بالمتابعة عن كونه يصلي يشعر كان أمامه رجلاً يقرأ وهو يتابعه، ما كأنه في صلاة، انتهى.

فيؤخذ مما سبق أن الأصل ترك متابعة المأموم للإمام بالمصحف، وذلك للعلل السابقة، وإنما تفعل عند الحاجة إليها؛ كأن يحتاج الإمام من يفتح عليه.