التسبيح في الركوع والسجود من المسائل التي اختلف في حكمها العلماء؛ على ثلاثة آراء :

الأول : أن التسبيح سنة ،وليس بواجب .
الثاني : أن التسبيح واجب ،فإن تركه عمدا بطلت صلاته ،وإن نسيه صحت الصلاة.
الثالث : أن التسبيح واجب ،فإن تركه عمدا ،بطلت الصلاة ، وإن نسيه لا تبطل ، ويجب سجود السهو .
ورأي جمهور الفقهاء من كونه سنة هو الراجح .

يقول الشوكاني في تعليقه على حديث حذيفة قال : { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ، وما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل ، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها } رواه الخمسة وصححه الترمذي ) :

والحديث يدل على مشروعية هذا التسبيح في الركوع والسجود ، وقد ذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء من أئمة العترة وغيرهم إلى أنه سنة وليس بواجب.

وقال إسحاق بن راهويه : التسبيح واجب فإن تركه عمدا بطلت صلاته ، وإن نسيه لم تبطل .
وفي المذهب الظاهري : واجب مطلقا وأشار الخطابي في معالم السنن إلى اختياره .

وقال أحمد : التسبيح في الركوع والسجود وقول : سمع الله لمن حمده ، وربنا لك الحمد ، والذكر بين السجدتين ، وجميع التكبيرات واجب ، فإن ترك منه شيئا عمدا بطلت صلاته ، وإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو ، هذا هو الصحيح عنه ، وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور ، وقد روي القول بوجوب تسبيح الركوع والسجود عن ابن خزيمة .

احتج الموجبون .. بقوله صلى الله عليه وسلم { صلوا كما رأيتموني أصلي }، وبقول الله تعالى { وسبحوه } ولا وجوب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها ، وبالقياس على القراءة واحتج الجمهور بحديث المسيء صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمه واجبات الصلاة ولم يعلمه هذه الأذكار ، مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها ، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فيكون تركه لتعليمه دالا على أن الأوامر الواردة بما زاد على ما علمه للاستحباب لا للوجوب .