ليس هارون عليه السلام أخا لمريم عليها السلام ، ولكن قيل لها ” يا أخت هارون ” لأنها من ذريته ، أو لأنها بنت الأنبياء مثله ، أو لوجود رجل اسمه هارون في زمنها كان صالحا وتقتدي به.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :
إن المقصود بهارون في الآية الكريم إما هارون أخو موسى، وإما غيره ، والأخوة المذكورة ليست أخوَّة حقيقية، لأن بين هارون ومريم مئات السنين بالفعل وإنما هي أخوَّة مجازية، فمعنى أنها أخت هارون أنها من نسله وذريته، كما يقال للتميمي يا أخا تميم ؟ وللقرشي: يا أخا قريش ! فمعنى قولهم: يا أخت هارون، أي يا من أنت من ذرية ذلك النبي الصالح، كيف فعلتِ هذه الفعلة ؟ وحتى لو لم تكن من نسله وذريته فإنها تنتسب إليه بخدمتها للهيكل وانقطاعها للعبادة فيه .
فقد كانت خدمة الهيكل موقوفة على ذرية هارون . فمعنى: يا أخت هارون ! يا من تنتسبين إلى هذا النبي الصالح بالخدمة والعبادة والانقطاع للهيكل .
ويجوز أن يكون المراد بهارون في الآية رجلاً صالحًا من قومها في ذلك الحين .. كانت تتأسى به مريم .. وتتشبه به في الزهد والطاعة والعبادة، فنسبت إليه، فقالوا لها: يا من تتشبهين وتقتدين بذلك الرجل الصالح، ما كان أبوك بالفاجر، ولا أمك بالبغي، فمن أين لك هذا الولد ؟ وقد روى أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله ﷺ إلى أهل نجران – وكانوا نصارى – فقالوا: أرأيت ما تقرأون: يا أخت هارون ؟ وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ يعترضون على المغيرة .. قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال النبي ﷺ: ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم ؟ ” وهذا التفسير النبوي يبين أن هارون المذكور في الآية ليس من اللازم أن يكون هارون المذكور هو أخا موسى كما فهم أهل نجران، وإنما هو هارون معاصر لمريم .. فقد كان قومها يسمون بأسماء الأنبياء والصالحين منهم .