يقول الشيخ محمد بن صالح المنجد :-
أولاً:
نهى الرسول ﷺ عن قراءة القرآن في الركوع أو السجود.
روى مسلم (479) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ – أي جدير وحقيق – أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) .
وروى مسلم (480) عن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا.
وقد اتفق العلماء على كراهة قراءة القرآن في الركوع أو السجود.
انظر : “المجموع” (3/411) ، “المغني” (2/181) .
والحكمة من ذلك:
قيل : لأَنَّ أَفْضَل أَرْكَان الصَّلاة الْقِيَام وَأَفْضَل الأَذْكَار الْقُرْآن , فَجَعَلَ الأَفْضَل لِلأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْله فِي غَيْره لِئَلا يُوهِم اِسْتِوَائِهِ مَعَ بَقِيَّة الأَذْكَار. “عون المعبود” .
وقيل : لأن القرآن أشرف الكلام , إذ هو كلام الله , وحالة الركوع والسجود ذل وانخفاض من العبد , فمن الأدب أن لا يقرأ كلام الله في هاتين الحالتين. “مجموع الفتاوى” (5/338) .
ثانياً:
إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم كقوله تعالى: ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) البقرة/201 ، فلا بأس به إذا قصد بذلك الدعاء لا قراءة القرآن ، لقول النبي ﷺ : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
قال الزركشي : ” محل الكراهة ما إذا قصد بها القراءة , فإن قصد بها الدعاء والثناء فينبغي أن يكون كما لو قنت بآية من القرآن ” انتهى.
والقنوت بآية من القرآن جائز بلا كراهة.
“تحفة المحتاج” (2/61) .
قال النووي في “الأذكار” (ص 59) :
” ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة ” انتهى.
وهذا إذا قصد بالآية الدعاء.
انظر : “الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية” لابن علان (2/308) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : علمنا بأنه لا يجوز قراءة القرآن في السجود ، ولكن هناك بعض الآيات تشتمل على الدعاء مثل قوله تعالى : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ) ، فما حكم الإتيان بمثل هذه الأدعية الواردة في القرآن في حالة السجود ؟
فأجابوا : ” لا بأس بذلك إذا أتى بها على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة للقرآن ” انتهى .