1ـ تحدَّث النووي في كتابه “الأذكار ص 360” عن لقب المَولى ، فقال : يُكره أن يقول المملوك لمالكه: ربّي، بل يقول: سيدي. وإن شاء قال: مَولاي، ففي صحيحي البخاري ومسلم أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “لا يقُل أحدُكم: أطعم ربَّك، وَضِّئ ربَّك، اسقِ ربَّك، وليقل: يا سيِّدي ومولاي…”، وفي رواية لمسلم: “لا يقل أحدُكم: ربِّي، وليقل: سيِّدي ومولاي”.
ثم قال في ص “361”: قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه “صناعة الكُتّاب” : أما المولى فلا نعلم اختلافًا بين العلماء أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين: مَولاي. قلت: وقد تقدَّم جواز إطلاق مولاي، ولا مخالفة بينه وبين هذا، فإن النَّحّاس تكلَّم في المولى ـ بالألف واللام ـ وكذا قال النحاس: يقال سيّد لغير الفاسق، ولا يقال السيد ـ بالألف واللام ـ لغير الله تعالى ـ والأظهر أنه لا بأس بقوله: المولى والسيد: لغير الفاسق.
2 ـ وقال النووي في الكتاب المذكور “ص 359” اعلم أن “السيد يُطلَق على الذي يفوق قومَه ويرتفع قدرُه عليهم، يطلَق على الزعيم والفاضل ويُطلَق على الحليم الذي لا يستفزِّه غضَبُه، ويطلَق على الكريم، وعلى المالك، وعلى الزَّوج.
وقد جاءت أحاديثُ كثيرةٌ بإطلاق “سيِّد” على أهل الفضل، فمن ذلك ما رويناه في صحيح البخاري عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أن النبيّ ـ ﷺ ـ صعد بالحسن بن علي رضي الله عنهما ـ المنبرَ فقال “إنّ ابني هذا سيِّد، ولعل الله تعالى أن يُصلِح به بين فئتين من المسلمين” ورويْنا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال للأنصار لما أقبل سعد بن معاذ ـ رضي الله عنه ـ “قُوموا إلى سيِّدكم أو خيرِكم” كذا في بعض الروايات “سيِّدُكم أو خَيرُكم” وفى بعضها “سَيِّدكم” بغير شكٍّ وروينا في صحيح مسلم أن سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ قال: يا رسول الله ، أرأيت الرّجُل يجد مع امرأته رجلاً أيقتُلُه…الحديث، فقال رسول الله ـ ﷺ ـ “انظُروا إلى ما يقول سيِّدكم”.
وأما ما ورد في النهي فما رويناه بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “لا تَقولوا للمُنافق سيّد، فإنه إن يَكُ سيِّدًا فقد أسخطتم ربَّكم عزّ وجل” قال النووي: والجمع بين هذه الأحاديث: أنه لا بأس بالإطلاق: فلان سيِّد ويا سيدي وشِبه ذلك إذا كان المُسوَّد فاضلاً خيرًا، إما بعلم وإما بصلاح وإما بغير ذلك، وإن كان فاسقًا أو مُتَّهَمًا في دينه أو نحو ذلك كره أن يُقال سيِّد، وجمع بين الأحاديث أبو سليمان الخطّابي “في معالم السنن” بنحو ذلك.
والخلاصة أنّه لا مانع أن يُطلِق الإنسان لقب مولاي أو سيّدي، أو المولى أو السيد على من يستحقُّ ذلك دينًا، كالعالم والصالح ومعلِّم القرآن وزعيم الجماعة وغيرهم ممّن ذكروا في إِطلاقات السيد. أما وصف الفاسق بذلك فمكروه، إلا إنْ خِيفَ شرُّه، أو حصول فتنة فيجوز بمعنى من المعاني البعيدة عن الدِّين قياسًا على ما قيل في كراهة السلام ـ التحيّة ـ على المبتدعين والعُصاة الفاسقين، الذين روى البخاري فيهم عن عبد الله بن عمرو قوله: لا تسلِّموا على شَرَبة الخمر، وقال النووي في الأذكار ص “354”: إن اضطُّرَّ إلى السلام على الظَّلَمة بأن دخل عليهم، وخاف ترتُّب مفسدة في دينه أو دنياه أو غيرهما، إن لم يُسَلِّم ـ سلَّم عليهم، قال الإمام أبو بكر بن العربي: قال العلماء: يسلِّم وينوي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، المعنى: الله عليكم رَقيب.