اتفق الفقهاء على قتل الساحر الذي يعمل بسحرة وبخاصة إذا ترتب على هذا السحر قتل نفس لكنهم اختلفوا في الشروط التي لابد من توافرها حتى يقام الحد على هذا الساحر وهذا التفصيل في هذه المسألة كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :ـ
- ذهب الحنفية إلى أن الساحر يقتل في حالين : الأول أن يكون سحره كفرًا.
والثاني إذا عرفت مزاولته للسحر بما فيه إضرار وإفساد ولو بغير كفر.
ونقل ابن عابدين أن أبا حنيفة قال: الساحر إذا أقر بسحره أو ثبت عليه بالبينة يقتل ولا يستتاب, والمسلم والذمي في هذا سواء, وقيل: لا يقتل إن كان ذميًا.
ويفهم من كلام ابن الهمام أن قتله إنما هو على سبيل التعزير, لا بمجرد فعله إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره, وقال ابن عابدين: يجب قتل الساحر ولا يستتاب, وذلك لسعيه في الأرض بالفساد لا بمجرد عمله إذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره, لكن إن جاء تائبا قبل أن يؤخذ قبلت توبته.
وذهب المالكية إلى قتل الساحر, لكن قالوا : إنما يقتل إذا حكم بكفره , وثبت عليه بالبينة لدى الإمام, فإن كان متجاهرا به قتل وماله فيء إلا أن يتوب, وإن كان يخفيه فهو كالزنديق يقتل ولا يستتاب, واستثنى المالكية - أيضا - الساحر الذمي, فقالوا: لا يقتل, بل يؤدب. لكن قالوا : إن أدخل الساحر الذمي ضررا على مسلم فيتحتم قتله , ولا تقبل منه توبة غير الإسلام , نقله الباجي عن مالك. لكن قال الزرقاني: الذي ينبغي اعتماده أن ذلك يوجب انتقاض عهده, فيخير الإمام فيه.
أما إن أدخل الساحر الذمي ضررا على أحد من أهل ملته فإنه يؤدب ما لم يقتله, فإن قتله قتل به.
وعند الشافعية : إن كان سحر الساحر ليس من قبيل ما يكفر, فهو فسق لا يقتل به ما لم يقتل أحدا ويثبت تعمده للقتل به بإقراره .
وذهب الحنابلة إلى أن الساحر يقتل حدا ولو لم يقتل بسحره أحدا, لكن لا يقتل إلا بشرطين:
الأول: أن يكون سحره مما يحكم بكونه كفرا مثل فعل لبيد بن الأعصم, أو يعتقد إباحة السحر, بخلاف ما لا يحكم بكونه كفرا, كمن يزعم أنه يجمع الجن فتطيعه, أو يسحر بأدوية وتدخين, وسقي شيء لا يضر.
الثاني: أن يكون مسلما , فإن كان ذميا لم يقتل; لأنه أقر على شركه وهو أعظم من - السحر, ولأن { لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي ﷺ فلم يقتله }, قالوا: والأخبار التي وردت بقتل الساحر إنما وردت في ساحر المسلمين لأنه يكفر بسحره.
والذمي كافر أصلي فلا يقتل به, لكن إن قتل بسحر يقتل غالبا, قتل قصاصا.
وشرط آخر أضافه صاحب المغني: وهو أن يعمل بالسحر, إذ لا يقتل بمجرد العلم به.
ثم قال بعضهم: ويعاقب بالقتل أيضا من يعتقد حل السحر من المسلمين, فيقتل كفرا; لأنه يكون بذلك قد أنكر مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة.
واحتجوا لقتل الساحر بما روى جندب مرفوعا { حد الساحر ضربة بالسيف }.
وبما ورد عن بجالة بن عبدة أن عمر بن الخطاب كتب: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. وبأن حفصة أمرت بقتل ساحرة سحرتها. وأن معاوية كتب إلى عامله قبل موته بسنة: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة, وقتل جندب بن كعب ساحرا كان يسحر بين يدي الوليد بن أبي عقبة.