ادخار الأب لبناته من ماله جائز شرعا ، على أنه ينهى أن يكون هذا الادخار بوسيلة منهي عنها شرعا، مثل توفير البريد .

ما هو الحكم الشرعي للهبة للبنت؟

يقول د. مسعود صبري الباحث الشرعي بكلية دار العلوم :
فطر الله تعالى الإنسان على حبه أبناءه ، وحرصه عليهم ، وقذف في قلبه الأبوة منذ أن يولد له ولد ، فيستشعر ببنوته له ، فيسعى لما يصلحهم .
وهبة الرجل لبناته شيئا من ماله ، لا بأس بها شرعا ، لأن له حق التصرف فيما استخلفه الله تعالى من المال، على ألا يكون ذلك مقصودا منه إضرار الورثة ، ولكن لا يعني هذا أن يكون للورثة شيء من مال الإنسان في حياته، لأنه المتصرف في ماله ، وليس لهم إلا ما يبقى منه بعد موته.

ولكن النهي وارد في مقام الوازع الديني ، لا التصرفات المالية ، وليس على الرجل حق في ماله إلا ما كان إنفاقا على والديه وزوجته وأولاده ، أو من له حق يجب رده، أما أقاربه ، فإعطاؤهم في حياته هو من باب البر لا من باب الواجب.
على أن هبتك لبناتك عن طريق توفير البريد يحتاج إلى تمهل في الأمر ، لأن عمل البريد أن يضع المال في البنك ، ويأخذ فوائده المحرمة ، وتعطي هيئة البريد منها لمن وضع أمواله فيه.
فينهى عن وضع المال في البريد ، مع جواز أن يهب الإنسان شيئا لبناته.

العدل بين الأبناء في الهبة؟

الذي يراعى ما أمر الإسلام به في الهبة هو العدل بين الأولاد، فيعدل في القسمة بينهم ، دون تفضيل بعض على بعض ، حتى يكونوا لهم في البر سواء ، و حتى لا توغر الصدور، ولا يجعل للشيطان بين أبنائه سبيلا.

وقد ورد في صحيح مسلم من عدة روايات أن عمرة بنت رواحة أم النعمان بن بشير سألت أباه أن يَهبه بعض ماله، فالْتَوى به سنة، أي تأخر في إجابة طلبها، ثم بدا له أن يفعل، فوهبه غلامًا، فقالت : لا أرضى حتى تُشهد رسول الله ـ ـ على ما وهبْت لابني، فأخذ بيده، وكان يومئذ غلامًا، فأتى رسول الله ـ ـ ، فقال له : يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أُشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال له رسول الله ـ ـ ” يا بشير، ألك ولد سوى هذا ” ؟ قال نعم، فقال ” أكلُّهم له مثل هذا ” ؟ قال : لا، قال ” لا يصحُّ هذا، أشهد على هذا غيري، فإني لا أَشْهد على جَوْر، اتَّقوا الله واعدلوا في أولادكم، ألا يسرُّك أن يكونوا لك في البر سواء ” ؟ قال : بلى، قال ” فإني لا أشْهد ” وروى الطبراني أن النبي ـ ـ قال ” إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القُبَلِ، سَوُّوا بين أولادكم في العطيَّة، فلو كُنْت مفضِّلاً أحدًا لفضلت النساء على الرجال .

هبة الأب أثناء مرضه؟

يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر :
إن حق الورثة لا يَتَعلَّق بمال المورِّث إلا إذا كان مريضًا مرض الموت، وهو الذي يكون منه الموت، فلا محلَّ للقول بأن تصرُّف الرجل الصحيح الخالي من الحَجْر لسَفَهٍ أو دين ينافي حِكْمة التوْريث؛ لأن التوريث بعد الموت، والتصرُّف قبله في وقت لم يكن لأحد من الذين سيرثون عند الموت حق في مال المتصرف .

وبهذا الإيضاح يتبيَّن أن حُرْمة الملك مكفولة، والحِكْمة في التوريث محقَّقة لا تُنافى صحَّة التصرُّف الصادر من الصحيح الذي يَملكه.