ليس صحيحًا أن توريث المرأة في الإسلام قد جانب الإنصاف لها، حتى يكون حكمه صالحًا للزمان الماضي دون الزمان المعاصر والمستقبل..

فالأنثى –في الإسلام- لا ترث نصف الذكر دائمًا وأبدًا.. والقرآن لم يقل يوصيكم الله في الوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين.. وإنما جعل ذلك في حالة بعينها هي حالة “الأولاد”، وليس في مطلق وكل الوارثين [يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين] –النساء: 11-..

أما عندما كان التقعيد عامًا للميراث فإن القرآن قد استخدم لفظ “النصيب” لكل من الذكور والإناث على حد سواء [للرجال نصيب ما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا] –النساء: 7-..

ومعايير التفاوت في أنصبة الميراث لا علاقة لها بالجنس –ذكورة أو أنوثة- على الإطلاق –على غير ما يحسب ويظن الكثيرون- إن لم يكن الأكثرون.. وإنما معايير هذا التفاوت ثلاثة:

1 – درجة القرابة.. فكلما كان الوارث أقرب إلى المورث زاد نصيبه في الميراث..

2 – وموقع الجيل الوارث في تسلسل الأجيال –وتلك حكمة إلهية بالغة في فلسفة الإسلام للميراث.. فكلما كان الوارث صغيرًا، من جيل يستقبل الحياة وأعباءها، وأمامه المسئوليات المتنامية، كان نصيبه من الميراث أكبر.. فابن المتوفي يرث أكثر من أب المتوفي –وكلاهما ذكر- وبنت المتوفي ترث أكثر من أمه –وكلتاهما أنثى-.. بل إن بنت المتوفي ترث أكثر من أبيه..

3 – والعامل الثالث في تفاوت أنصبة الميراث هو العبء المالي الذي يتحمله ويكلف به الوارث طبقًا للشريعة الإسلامية.. فإذا اتفقت وتساوت درجة القرابة.. وموقع الجيل الوارث –مثل مركز الأولاد- أولاد المورث- مع تفاوت العبء المالي بين الولد الذكر –المكلف بإعالة زوجة وأسرة وأولاد- وبين البنت –التي سيعولها هي وأولادها زوج ذكر- هنا يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.. وهو تقسيم ليس فيه أية شبهة لظلم الأنثى.. بل ربما كان فيه تمييز وامتياز لها، احتياطًا لاستضعافها..

وهذه الحقائق في المواريث الإ سلامية –التي جهلها ويتجاهلها دعاة تاريخية آيات الميراث- هي التي جعلت المرأة –في الجداول الإجمالية لحالات الميراث الإسلامي- ترث مثل الرجل، أو أكثر من الرجل، أو ترث ولا يرث الرجل في أكثر من ثلاثين حالة من حالات الميراث الإسلامي، بينما هي ترث نصف ما يرث الذكر في أربع حالات فقط!..