لا يجوز للطفل المكفول أن يتبرأ من نسبه الأصلي، ويتخذ من نسب كافله نسبا له، فيدعوه كما يدعوا الناس آباءهم،لأن في ذلك اختلاطا للأنساب، وقد حرم الإسلام هذا، وجعله من الكبائر.

هل يجوز نسبة الطفل المتبنى باسم من تبناه؟

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
الإسلام شدَّد في هذا غاية التشديد فقد جاء في حواشي التحفة ـ كحاشية الشرواني في الفقه الشافعي (ج5، ص400) ـ: أنه من الكبائر.
بل صَرَّحتِ الأحاديث بكُفر مَنْ فَعَلَ هذا، ومن هذه الأحاديث :
-قال : “لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم” (رواه البخاري).
-وقال :“لا ترغبوا عن آبائكم فمن رَغِبَ عن أبيه فقد كفر” (متفق عليه).
-وقال :“مَنِ ادُّعِي إلى غير أبيه ـ وهو يعلم أنه غيرُ أبيه ـ فالجنة عليه حرام” رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، عن سعد وأبي بكرة جميعًا “المُنتقى من كتاب الترغيب والترهيب.
-قال :“ليس مِنْ رجل ادُّعِيَ بغير أبيه وهو يَعلَم إلا كَفَر، ومَن ادَّعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار…” (رواه البخاري، ومسلم،عن أبى ذر ـ رضي الله عنه ـ “المنتقى من كتاب الترغيب والترهيب.

-قال :“… ومَن ادُّعِيَ إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صَرْفًا” رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود والترمذي، والنسائي، عن علي ـ رضي الله عنه ـ “المنتقي من كتاب الترغيب والترهيب.انتهى.

هل تحريم نسبة المكفول إلى كافله إنكارا لحقه؟

تحريم الإسلام لضم نسب المكفول إلى كافله ليس تنكرا ولا إغفالا لحق الكافل الذي احتضن وربى وأنفق، ووجه، وعلم، وأدب، بل إن للكافل جزاء ما قام به من هذه الأعمال أجرا عظيما، حيث تعتبر كفالة المحتاجين والمعوزين من أفضل القرب التي يتقرب بها إلى الله تعالى إذا أخلص الإنسان النية لله، ومن النصوص التي بينت ذلك:-

-قوله تعالى: (َيسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) سورة البقرة الآية 215 .

-وقوله تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) سورة النساء الآية 36 .

-وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله أنه قال : “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر” .

وجاء في صحيح البخاري قوله : “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما” .
وقال ابن بطال- أحد شراح البخاري – في شرح الحديث: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك]،والحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي ، وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى.انتهى.

ولكن سبب التحريم الخوف من اختلاط الأنساب، فإن معنى ضم نسب المكفول لكافله أن يصبح له حقوق البنوة من الإرث، والتسامح في كشف العورات، وقيام المحرمية بينه وبين محارم كافله، وغير ذلك.

هذا ولا يحملن الولد على أبيه الذي لا يعرف عنه شيئا فإنه لا يعرف لعله مات، أو حيل بينه وبين ولده، وإن كان الوالد قد أساء فحسابه على الله تعالى، وليحمد الولد ربه أن جعل له في كافله عوضا وغنية.