المجتمع المسلم قائم على التعاون والتكافل بين أبنائه؛ فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: “ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع”، وفى الحديث الآخر: “أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله”، كما حض صلى الله عليه وسلم على إفشاء السلام وإطعام وإكرام الضيف، وأوضح أن كافل اليتيم معه في الجنة فقال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما”.

ومع كل ذلك فقد حرم الإسلام تحريمًا قاطعًا أن يلحق الكافل أو المتبني أو غيرهما من يقومون برعايتهم بنسبهم لما في ذلك من تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحله، وضياع حقوق العباد.

يقول الشيخ عبد الخالق عطية نصير:
لقد اهتم الإسلام بالطفل اللقيط أو الذي لا يعرف أبوه وأمه، أو اليتيم الذي لا يجد من يكفله فأمر بالرفق به وكفالته وإنقاذه من الهلاك، وقد وضع الفقهاء في الإسلام على اختلاف مذاهبهم بابًا سموه “باب اللقيط” ونقلوا أدلة مرغبة في العناية به بوصفه إنسانًا ليس له ذنب في الوضع الذي أصبح فيه أو في وضعه الاجتماعي.

ومع هذه الرعاية فقد حرم الله تعالى في القرآن الكريم نسبته إلى متبنيه أو ملتقطه أو من يقوم بكفالته وتربيته؛ قال تعالى: “وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم، وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورًا رحيمًا” آية 4، 5 من سورة الأحزاب.

وعلى ذلك يحرم إلحاق اللقيط أو الطفل المتبنى بإطلاق اسم من قام بتربيته عليه باعتباره ولدًا له لأنه ليس ابنًا على الحقيقة سواء كان اللقيط في الأصل مجهول النسب أو معلوم النسب، وذلك نزولاً على حكم النص القرآني، والطفل المتبنى بهذا الاعتبار لا يرث من قام بتربيته بعد الوفاة لأن الإرث يكون بسبب البنوة الصحيحة أي للطفل المولود على فراش زوجية صحيحة.

ويترتب على كتابة الطفل المتبنى أو اللقيط، باسم من يربيه واعتباره ابنًا له محرمات كثيرة: منها أنه يرثه؛ وهو غريب لا يستحق من الميراث شيئًا، ويحرم القريب الذي يستحق الميراث، ويكبر المتبنى ويبلغ ويخلو من أم ليست أمًا له على الحقيقة ومع أخوة وأخوات ليسوا إخوة أو أخوات على الحقيقة فيخلو ببنات وهن لسن محرمات عليه في الحقيقة فيحدث ما لا تحمد عقباه.

وكذلك البنت المتبناة إذا ألحق نسبها بمن يربيها فإنها تخلو معه وليس أبًا لها على الحقيقة وتجلس مع أولاده الذكور وليسوا أخوة لها على الحقيقة فيترتب على ذلك حرمات كثيرة، بالإضافة لتحريم الميراث على القريب وتحليله للغريب لأن أسباب الإرث ثلاثة: الزوجية، والقرابة، والعصوبة السببية؛ وبذلك يحل المتبنى ما حرم الله ويُحرم ما أحل الله بسبب هذا التبني الذي يلحق النسب بالمربي، وهو حرام قطعًا بنص القرآن.

والخلاصة أن الإسلام لا يمنع أن يتكفل الإنسان بالطفل إنفاقًا وتربية ووصية شرعية أو هبة منجزة في الحال، ويحرم إلحاق اللقيط أو الطفل المتبنى بإطلاق اسم من قام بتربيته عليه باعتباره ولدًا له.انتهى (نقلا عن مجلة صوت الأزهر)

وهناك مسألة هامة في هذا الصدد يجب التنبيه إليها وهي مسألة الخلوة التي من الممكن التغلب عليها بإرضاع المكفول من زوجة الكافل، وذلك لو كان في سن الرضاع، ومن ثم يصبح الكافل أبوه من الرضاع وزوجته أمه من الرضاع وكذلك الأولاد سيصبحون أخوة له.