لا شك أن جمع الناس على صلاة واحدة في أول الوقت أفضل، وهو ما عليه عمل السلف، ولكن ليس معنى هذا حرمة التدابير الإدارية التي تعين وقتا للصلاة درءا للاختلاف الذي عساه يقع من المصلين / حيث يرى كل واحد موعدا غير الذي يراه الآخرون ، فتحديد موعد فيه وأد لهذا الخلاف ، ويمكن أن يكون التحديد بثلث ساعة مثلا بعد الأذان.
ولا نرى بأسا بإعادة الجماعة في نفس المصلى مسجدا كان أو مصلى في مكان العمل، فالخلاف في هذا معروف.
وتأخير الصلاة عن أول وقتها ليس حراما ولا مكروها ، ولكنه خلاف الأولى، وكل من أدى الصلاة في وقتها فهو داخل في قوله ﷺ وقد سأله ابن مسعود أي الأعمال أفضل قال : “الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله. ويبقى لمن بادر أجر السبق والبدار.
ولا شك أن تعيين الجماعة الثانية فيه إعانة وتشجيعا على الكسل والتراخي فلو ألغي هذا كان أفضل.
يقول الشيخ محمد بن صالح المنجد :-
لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها ، لقوله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، وقوله: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 .
وقد بَيَّنَ الشرعُ مواقيت الصلاة ، كما في الحديث الذي رواه مسلم (612) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ ، وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، وَوَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ ) .
وآخر وقت كل صلاة هو:
فآخر وقت صلاة الظهر دخول وقت صلاة العصر.
وآخر وقت صلاة العصر اصفرار الشمس ، ويمتد وقتها في حق المضطر كالمريض ونحوه إلى أن تغرب الشمس.
وآخر وقت صلاة المغرب مغيب الشفق الأحمر من السماء ، وهو أول وقت صلاة العشاء.
وآخر وقت صلاة العشاء نصف الليل ، ولا يمتد إلى طلوع الفجر.
وآخر وقت صلاة الفجر طلوع الشمس.
فيجوز أداء الصلاة في أي وقت من وقتها ، سواء من أوله أو وسطه أو آخره ، ولا يجوز تأخير أي صلاة من هذه الصلوات عن آخر وقتها بلا عذر قهري كالنوم والنسيان.
والأفضل التعجيل بأداء الصلاة في أول وقتها ؛ لما روى البخاري (496) ومسلم (122) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ).