جمهور العلماء على أنه لا يجوز مس القرآن لمن كان على غير طهارة، أما القراءة فلا مانع منها بدون مس المصحف، ويستثنى من وجوب الوضوء للقراءة مع المس الصبيان الذين يحفظون القرآن وإن كان تعودهم على الوضوء أفضل.
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر – رحمه الله تعالى -:
اختلف الفقهاء في حمل المصحف لمن أحدث حدثا أصغر ،على النحو التالي :
– جمهور العلماء على حرمة مس المصحف وحمله، وذهب إليه مالك والشافعي وأبو حنيفة في إحدى الروايتين .
-وجوز بعض العلماء ذلك، وذهب إليه أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه، كما جوزه داود بن علي.
وقد استثنى بعض المحرمين لحمل المصحف ومسه مع الحدث الأصغر- الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم، لحاجتهم إلى حفظ القرآن وتيسيره عليهم، على أن الصبي لو تطهر فطهارته ناقصة لعدم صحة النية منه، ويقاس عليهم الكبار المحتاجون لحفظ القرآن أما من أجل التعبد فلا بد من الطهارة.
هذا، وقراءة القرآن بدون مس للمصحف أو حمله جائزة لمن عليه حدث أصغر، وذلك باتفاق الفقهاء، وإن كان الأفضل الطهارة، وبخاصة إذا كان يقصد التعبد، فالعبادة مع الطهارة أكمل وأرجى للقبول. انتهى
ويقول الدكتور عبد الرحمن العدوي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
إن الله ـ تعالى ـ قال في فضل تلاوة القرآن، ومن يتلونه: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.
وعن معاذ ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “من قرأ القرآن فأكمله وعمل به، أُلبس والداه تاجًا يوم القيامة ، ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل هذا؟ .
وعن علي رضي الله عنه: (من قرأ القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه، أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار).
وأهل القرآن هم العالمون به، العاملون بما فيه، الواقفون عند حدوده، الذين امتلأت قلوبهم بالخشوع لجلال الله، واستولت على حواسهم مخافة الله وخشيته وهيبته، فكانوا إذا قرءوا القرآن أوسمعوه خشعت قلوبهم، واقشعرت جلودهم، قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.
فالتعظيم والخشية والخشوع والخضوع عند تلاوة القرآن وسماعه من أوصاف المؤمنين الصادقين العارفين بجلال الله رب العالمين، والغفلة والقسوة والسهو واللهو عندهما من أوصاف المعرضين الذين ضعف إيمانهم، أو قل يقينهم، وخلت قلوبهم من حقائق معرفة الله ـ تعالى ـ ومعرفة كلامه، ومن ثم وجب على المسلم وهو يتلو القرآن أن يعظم القرآن، وأن يتأدب بآدابه، وأن يقصد التعبد بتلاوته، وأن يستقبل القبلة عند قراءته، وأن يكون على طهارة، فتحرم على الجنب والحائض والنفساء تلاوة شيء من القرآن ومس المصحف، لقوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون}.
وأما المحدث حدثًا أصغر ، فيحرم عليه المس دون التلاوة، والأفضل أن يتوضأ لها، ويستثنى من حرمة مس المصحف مع الحدث الأصغر صبيان المكاتب الذين يتعلمون القرآن، فيجوز لهم مسه رفعًا للحرج.