ذكر الله عز وجل الفلك أي السفن في كتابه في جملة آيات من آياته الدالة على قدرته، ترى ذلك في آيات سورة النحل، حيث امتن الله عز وجل على عباده بجملة من نعمه، إلى أن قال تعالى: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحمًا طريًا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون).
وختم هذه الآيات بقوله: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم).
وفي سورة إبراهيم، يذكر قريبًا من ذلك فيقول: (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار) إلى آخر هذه الآيات الكريمات، إلى غير ذلك مما جاء في كتاب الله عز وجل؛ مما يجعلنا نتأمل في قدرة الله في هذا الأمر، إذ قد هدى الإنسان إلى صناعة هذا الفلك منذ زمن قديم.. ولا ننسى في هذا المقام سفينة نوح عليه السلام.
والله عز وجل هو الذي أودع في الماء من الخصائص ما جعله يحمل هذه السفن، رغم ما تحمله من الأثقال العظيمة، كما أودع في الأدوات التي تصنع منها هذه السفن خصائص تؤدي هذه المهمة، وألهم الإنسان أن يستفيد من الرياح ومما بعد الرياح من الآلات التي تحرك هذه السفن، والتي وصلت في السنوات الأخيرة إلى مرحلة متقدمة، تحمل الكثير والكثير، وتجوب عباب الماء في المحيطات الشاسعة، وذلك كله دلالة على تسخير كل هذه النعم للإنسان الذي يجب عليه أن يشكر الله عز وجل.
ولذلك ختمت الآيات في سورة إبراهيم كما ختمت في سورة النحل بقول الله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).
وبقي في هذا المقام إعجاز عظيم فيما قال تعالى: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)، فقول الله تعالى: (ويخلق ما لا تعلمون) يدخل فيه كل ما اخترع الإنسان من وسائل النقل والمواصلات في البر والبحر والجو، نسأل الله أن يعيننا على شكر نعمته، فإنه نعم المجيب.