التمثيل يعني المحاكاة، وقد منعت المجامع الفقهية تمثيل الأنبياء، والخلفاء الراشدين، والعشرة المبشرين بالجنة، وذلك لأن الممثل لن يستطيع محاكاتهم ولو بالقليل، أما من سواهم من الصحابة فقد اختلف العلماء في تمثيل شخصياتهم، من بين مانع ومجيز، ومن أجاز فبشروط منها عدم الكذب عليهم، وأن يقوم بهذا الدور من استقامت سيرته من الممثلين، فلا يمثل دور صحابي، ثم يظهر في عمل آخر بصورة سيئة.
يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي:
أفتى الأزهر من قديم بعدم جواز تمثيل كبار الصحابة مثل الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين وأجاز تمثيل من عدا ذلك ولهذا ظهرت أفلام فيها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من الصحابة، وأنا أرى هذا الرأي وأرجحه على أن يكون الذي يمثل هؤلاء الصحابة أو السلف الصالح أو الأئمة المعروفين مثل أبي حنيفة وابن حنبل وعمر بن عبد العزيز من الممثلين المعروفين بالاستقامة والسيرة الطيبة.ـ
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
إنه لا بأس بالتمثيليات، إن لم يكن فيها الكذب، وذلك لأن الكذب هو الإخبار بخلاف الحقيقة والواقع، وهذا الرجل ممثل، وهو لا يقول: إنني فلان نفسه، ولكنه يقول: أنا أمثل فلاناً، أي أفعل فعلاً يشبه فعل فلان، وهذا واقع وحقيقة، والحاضرون يعلمون كلهم أنه هذا هو المراد بالتمثيلية بخلاف من جاء إليك في بيتك ودق الباب وقال إنه فلان وهو يكذب، هذا هو الكذب، أما رجل يقوم بدور إنسان آخر، فإنه لم يكذب وليس يدعي أنه هو نفسه، فبناء على هذا لا يكون في المسألة كذب، ولكن إذا اشتملت التمثيلية على شيء محرم كأن يستلزم تنقص ذوي الفضل فإنها لا تجوز، وعلى هذا فأرى أن الصحابة رضي الله عنهم لا يمثلون ولا سيما الخلفاء الراشدون منهم.
وجاء في فتاوى وزارة الأوقاف الكويتية :
إنه يجب تجنب التمثيل على هيئة رسوم كرتونية للأطفال بالنسبة للخلفاء الأربعة الراشدين وزوجات الرسول ﷺ وبناته وكذلك تجنب تمثيلهم في المسرح أو السينما أو التلفزيون.
ثم بالنسبة لسائر الصحابة غير هؤلاء لا مانع من تمثيلهم وتصويرهم برسوم كرتونية للأطفال.
ويقول الدكتور أحمد الريسوني أستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعات المغربية:
حين يتعلق الأمر بتمثيل أشخاص معينين، كان لهم وجود حقيقي معروف، لابد أن نستثني بلا تردد تمثيل أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.
فإن تمثلهم ـ مهما كان فيه من تعظيم وإجلال، ومن تحر واحتياط ـ لا يمكن إلا أن يكون فيه مساس بمقامهم وقدسيتهم وعصمتهم، وهذا أمر لا يحتاج إلى تطويل.
وكذلك الشأن في حق الملائكة. والحق أن تمثيل الأنبياء والملائكة لا يجوز الإقدام عليه، سواء كان لمعنيين، أو لمجرد الصفة والمقام.
كما أن تمثيل الصحابة – رضي الله عنهم – يثير أيضا جملة من الإشكالات والمحاذير ينبغي معها اجتناب تمثيلهم على التعيين والتحديد والتشخيص.