إن كان الإسلام هو دين العلم، لكنه يذم العلم الذي لا يكون له اعتبار من الحس المشاهد، أو الشرع الحكيم، أو ما كان فيه ضرر على الفكر والعقيدة أو حياة البشر ، مثل السحر والشعوذة والتنجيم الذي لا يقوم على علم .
ما هي العلوم التي لا يجوز تعلمها
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
ذكر الإمام الغزالي المذموم من العلم، ومثَّل له بعلم (السحر والطلسمات)، وعلم (الشعوذة والتلبيسات).
وهذا صحيح.. فقد ذكر الله السحر في كتابه وذمه أبلغ الذم، وقال على لسان الملكين اللذين يعلمان الناس السحر: (إنما نحن فتنةٌ فلا تكفر) (البقرة: 102) وقال في شأن تعلمه : (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) (البقرة: 102).
واعتبر النبي ـ ﷺ ـ السحر من السبع الموبقات، (في حديث أبي هريرة المتفق عليه “اجتنبوا السبع الموبقات” وعد منها: السحر) أي المهلكات للفرد والجماعة في الدنيا وفي الآخرة، ومثل ذلك كل علم لا يقوم على أساس صحيح، أي لا يسنده حس ولا عقل ولا نقل، أو لا ينفع الناس في دينهم ولا دنياهم، بل يعود عليهم بالضرر المادي أو المعنوي.
ومن ذلك: علم التنجيم، الذي يدعى فيه معرفة الغيوب، وكشف المستقبل بواسطة النجوم، فهذا محرَّم لأنه ضرب من السحر، كما جاء في الحديث الذي رواه ابن عباس: عن النبي ـ ﷺ ـ : ” من اقتبس علمًا من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ” . (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس وصححه النووي في “رياض الصالحين” .
فهذا العلم لا يقوم على أساس منطقي أو تجريبي، وإن صدق فبالاتفاق والمصادفة، ولذا قيل: كذب المنجمون ولو صدقوا!
وهذا بخلاف “علم الفلك” المبني على أُسس رياضية وتجريبية، وقد برع المسلمون فيه أيام ازدهار حضارتهم، وبرع الغربيون فيه اليوم، وعلى أساسه استطاعوا الوصول إلى القمر، ويحاولون الوصول إلى الكواكب الأبعد.
أما (الشعوذة والتلبيسات) فليست علمًا من العلوم، يقوم على أي أساس من منطق العقل أو الحس، أو الوحي، وإنما هي ـ كما يقول اسمها ـ أمور تقوم على التمويه والتزوير والتلبيس، فهي أولى أن تُنسب إلى الجهل، لا إلى العلم، فإن العلم منها براء.
ومن العلم المذموم : كل علم لا يقوم على أساس صحيح، لا من تجربة تقوم على الحس، ولا من برهان يقوم على العقل، ولا من دليل نقلي يستند إلى الوحي، إنما يعتمد على الأوهام والخرافات التي تُرَوَّج بين العوام، وأشباه العوام، كالذي يروجه كهنة الأديان الوثنية وأمثالهم، ومثل ذلك المعارف التي تقوم ـ في أصولها ـ على محض الظنون والتخرصات، مثل علم (تحضير الأرواح) ونحوه، وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا، فما بالك بما هو أضعف من الظنون، وهي الأوهام؟!