قال الله تعالى: (وإذا قُرِئَ القُرآنُ فاستَمِعُوا له وأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (سورة الأعراف : 204).
حَكَى ابن المنذر الإجماع على أن استماع القرآن والإنصات إليه واجب في الصلاة وخطبة الجمعة، وليس واجبًا في غير هاتين الحالتين، بل هو سنة، وذلك لأن وجوب الاستماع فيه حرج كبير على القائمين بأعمال ضرورية تحتاج إلى يقظة وعدم انشغال ، وبخاصة أن القرآن يُتلَى ويُذاعُ من جهات متعددة، إن لم يكن من البيت أو محل العمل فمن البيوت أو المحالِّ الأخرى.
ولكن إذا كان الإنسان في مجلس القرآن ولا يوجد عمل يَشغَله ينبغي أو يجب أن يَتأدَّب في المجلس ولا يَنشَغل عن الاستماع إليه بحديث أو غيره، وبخاصة مع رفع الصوت بالحديث، وتَعظُم المسئولية إذا كان قاصدًا برفع الصوت التشويش على القرآن وإذا كان الله تعالى قال: (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا له بالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمَالُكُمْ وَأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (سورة الحجرات : 2) فإن النَّهْي عن رفْع الصوت على صوت القرآن أوْلى، والأدب مع الله وكلامه فوق الأدب مع الرسول وكلامه(الفتاوى الإسلامية . ج 5 ص 1666).
والمراد بسماع القرآن في الصلاة هو سماع المأموم لقراءة الإمام، فلا يجوز أن يُشغل المأموم عن قراءة الإمام بأن يَقرأ هو، وقد مرَّ حكم ذلك، والإنصات إلى خطبة الجمعة واجب لأن فيها قرآنًا، والنصوص ثابتة في الأمر بالإنصات للخطبة، وأن مَن لَغَا أو انصرَفَ عنها فلا جمعة له.
والخلاصة أن الاستماع إلى القرآن واجب في الصلاة عند قراءة الإمام وفي خطبة الجمعة، ومندوب في غير ذلك، فقد رَوَى أحمد أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “من استَمع إلى آية من كتاب الله كُتبَت له حسنة مضاعفة، ومن تلا آية من كتاب الله كانت له نُورًا يوم القيامة” ذكره ابن كثير عند تفسير الآية المذكورة (وإذا قُرِئَ الْقُرآنُ فاسْتَمِعُوا لَهُ).