يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير الريح الصرصر
قال الله سبحانه تعالى “فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا” قال بعضهم وهي الشديدة الهبوب وقيل الباردة وقيل هي التي لها صوت والحق أنها متصفة بجميع ذلك فإنها كانت ريحا شديدة قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم وكانت باردة شديدة البرد جدا كقوله تعالى “بريح صرصر عاتية” أي باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق صرصرا لقوة صوت جريه.
أما الريح العقيم فقد قال الله عز وجل فيها”وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم” أي المفسدة التي لا تنتج شيئا.
قاله الضحاك وقتادة وغيرهما.
ويقول الإمام القرطبي في الريح العقيم وهي التي لا تلقح سحابا ولا شجرا, ولا رحمة فيها ولا بركة ولا منفعة; ومنه امرأة عقيم لا تحمل ولا تلد.
ثم قيل: هي الجنوب.
روى ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن النبي ﷺ قال: (الريح العقيم الجنوب) وقال مقاتل: هي الدبور كما في الصحيح عن النبي ﷺ (نصرت بالصبا) وأهلكت عاد بالدبور) وقال ابن عباس: هي النكباء.
ويقول ابن كثير في الرياح المبشرات:
يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقبها ولهذا قال تعالى “وليذيقكم من رحمته” أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد “ولتجري الفلك بأمره” أي في البحر وإنما سيرها بالريح “ولتبتغوا من فضله” أي في التجارات والمعايش والسير من إقليم إلى إقليم وقطر إلى قطر “ولعلكم تشكرون” أي تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى.
ومن خلال أقول المفسرين السابقة يتبين الفرق بين الريح الصرصر والعقيم وهي التي تنزل عقابا من الله عز وجل على الكافرين وبين الرياح المبشرات التي تنزل خيرا ورحمة من الله عز وجل بالناس عامة.